كشفت وثيقة استخباراتية أمريكية عن أحداث وتواريخ هامة عرفتها آخر أيام الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، والذي توفي في روسيا بظروف لا تزال توصف بالغامضة في 27 دجنبر سنة 1978.
وأفادت مراسلة لوكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA” بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1978، أنّ الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، قد تم إجلاؤه طبياً من المستشفى العسكري بالجزائر العاصمة باتجاه موسكو بداية أكتوبر 1978 في حالة غيبوبة وعلى عتبة الموت”.
وأضافت المراسلة أن رئيس الجزائر، الذي قاد البلاد خلال فترة مهمة من الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية، استدعى “مجلس الثورة الجزائرية” قبل أيام من إدراكه بأنه مريض جدًّا، وكان مقررًا أن يعقد الرئيس الجزائري هذا الاجتماع نهاية شهر شتنبر أو بداية أكتوبر من نفس السنة.
وحضر الاجتماع كل من وزير الداخلية، محمد بن أحمد عبد الغني، ووزير الشؤون الخارجية عبد العزيز بوتفليقة (الرئيس الحالي)، ووزير النقل أحمد دراية، وزير الزراعة الطيب العربي، ووزير المياه أحمد شريف، وزعيم حزب جبهة التحرير الوطني الصالح يحياوي، وقائد الناحية العسكرية الثانية الشاذلي بن جديد، وقائد الناحية العسكرية الأولى عبد الله بلهوشات.
وأبلغ بومدين أعضاء المجلس الثوري الرئاسي وقتها بأنه “مريض جدًا وسيغادر الحياة ويترك لهم حكم الجزائر”، ثم قرّر تعيين وزير الداخلية لخلافته في فترة غيابه.
ونقلت وكالة الاستخبارات الأمريكية عن مصدر لم يتم الكشف عن هويته، انتقاده الشديد لفشل الحكومة الجزائرية في إطلاع الشعب الجزائري على حقيقة مرض الرئيس هواري بومدين، واصفًا “البيانات الصحفية بشأن النقاشات المزعومة في موسكو بالسخيفة”، في إشارة إلى ما تردد حول تعرض الرئيس الراحل للسم.
وتابعت أن صراعًا حادًا اشتدّ بين جناحين لخلافة بومدين أحدهما يقوده وزير الخارجية والرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة والآخر يتزعمه مسؤول الحزب الحاكم وقتها محمد الصالح يحياوي، لكنّ التقارير الأمريكية وقفت وقتذاك على ضعف وزن بوتفليقة وهو ما حدث بالفعل، حيث لم يحظ المعني برئاسة البلاد التي غادرها “مكرهًا” ثم عاد إليها رئيسًا في أبريل سنة 1999.
وكشفت مراسلة سرية للخارجية الأمريكية بتاريخ 8 دجنبر سنة 1979، بعثها العضو في مجلس الأمن ويليام كواندت، إلى زبيغنيو بريجنسكي مستشار في الأمن القومي للرئيس كارتر، أن عبد العزيز بوتفليقة هو الأقل تأثيراً بين الأعضاء الأربعة الرئيسيين في السلطة الجزائرية وهم محمد عبد الغني ومحمد الصالح يحياوي والقائد العسكري الشاذلي بن جديد الذي عادت إليه رئاسة الجزائر بعد وفاة هواري بومدين.