الرئيسية / الرئيسية / عمار سعداني..”وحش سياسي” ينصت له الجميع في الجزائر
عمار سعداني
عمار سعداني الأمين العام لحزب" جبهة التحرير الوطني" في الجزائر

عمار سعداني..”وحش سياسي” ينصت له الجميع في الجزائر

قبل ثلاث سنوات، حمل مجيء عمار سعداني ، الرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني، على رأس حزب النظام في الجزائر، “جبهة التحرير الوطني” (الأفالان)، خلفا للوزير الأول السابق عبد العزيز بلخادم، معه متغيرات كبيرة داخل مربع السلطة.

وضع سعداني على رأس حزب السلطة شكل حديث الصحافة الجزائرية حينها، حيث تناسلت التأويلات بخصوص الرسائل التي حملها مجيء الرئيس السابق للغرفة الأولى بالبرلمان الجزائري، وأيضا الأدوار التي ستوكل إليه.

أولى المهمات، وربما أكبرها، كانت على ما يبدو تعرية ورقة التوت عن الضعف المتزايد لرئيس المخابرات القوي سابقا، الفريق محمد مدين “توفيق”، في صراعه ضد مؤسسة الرئاسة مدعومة برئاسة أركان الجيش.

عمار سعداني اتهم حينها زعيم جهاز “دائرة الاستعلام والأمن” المنحل، الذي كان لا ينطق اسمه إلا همسا في بلد المليون شهيد وكان الجهاز الذي يجلس على عرشه يوصف بأنه دولة وسط الدولة، اتهم بالفشل في حماية منشأة تيقنتورين النفطية بمنطقة عين أميناس، والفشل سابقا في حماية الرئيس المغتال محمد بوضياف ورهبان دير تيبحيرين، وأيضا السعي إلى الحيلولة دون ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية جديدة، وترويج الإشاعات حوله وحول مقربيه، من أمثال وزير الطاقة السابق شكيب خليل.

مع توالي المهام، تعاظم على ما يبدو نفوذ عمار سعداني الذي وصفته مجلة “جون أفريك” الفرنكفونية أنه “رجل المطر والطقس الصحو” في الجزائر. ولتوضيح التشبيه أكثر، قالت المجلة إن زعيم “الأفالان” مثل “مقدم النشرة الجوية، حيث يعلن عن التساقطات المطرية والجو الصحو ويتوقع تكون السحب الصغيرة والكبيرة ويشير إلى اتجاه الرياح”.

زيادة في الإيضاح، فإن سعداني تحول إلى ما يشبه الناطق باسم مؤسسة الرئاسة، حيث يتم إعلان عدد من القرارات والتوجهات على لسانه قبل حصولها بمدة، وإن كان الأمر لا يتم بطريقة مباشرة بالضرورة، حيث يترك المجال للقراءة بين السطور وتأويل خرجات سعداني الإعلامية.

فمثلا، عودة وزير الطاقة السابق والصديق المقرب للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه السعيد، شكيب خليل، جاء التمهيد لها على لسان زعيم “جبهة التحرير الوطني” على شاشة قناة “النهار” في نونبر من العام الماضي.

حينها دافع سعداني عن الوزير المتهم بالتورط في تلقي رشاوى بمبالغ كبيرة في ما يسمى “فضيحة سوناطراك 2″، حيث قال إنه كان ضحية مؤامرة (قادها جهاز المخابرات العسكرية للنيل من الرئيس بوتفليقة)، واصفا إياه بأنه أعظم وزير مر في تاريخ الجزائر.

خمسة أشهر بعد ذلك، عاد شكيب خلال في مارس الماضي إلى بلاده واستقبل كأي مسؤول كان في مهمة خارجية دامت ثلاث سنوات، وليس كفار من العدالة حزم حقائبه على وجه السرعة وفر هو وعائلته إلى الولايات المتحدة خوفا من الملاحقة القضائية.

تزايد نفوذ سعداني يقرأه البعض من خلال سقوط بعض الرؤوس التي يوجه إليها سهام نقده، على غرار محافظ بنك الجزائر الذي أعفي من منصبه نهاية شهر ماي الماضي بعد أن حمله زعيم “الأفالان” الفشل في الحفاظ على العملية الوطنية من الانهيار المتواصل.

في سيناريو مشابه، واجه وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة ووزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة ووزير الفلاحة أحمد فروخي مصيرا مماثلا، بسبب عدم رضى زعيم “الأفالان” عنهم، في آخر تعديل على حكومة عبد المالك سلال هذا الشهر. تعديل حمل بصمة عمار سعداني الذي قالت “جون أفريك” أنه رسم معالمه قبل شهرين لدرجة يخيل معها أن لائحة المغادرين والملتحقين بالحكومة تم إعدادها تحت إشرافه.

من جانب آخر، يبقى السؤال مطروحا حول مصير أحمد أويحيى، رئيس الحكومة السابق مدير ديوان الرئاسة حاليا وزعيم ثاني أحزاب السلطة وثاني أكبر تشكيلة سياسية في البلاد، “التجمع الوطني الديمقراطي” (الأرندي)، والذي أصبح محط هجوم متواصل من طرف عمار سعداني الذي يتهمه بخيانة الرئيس.

وضع أويحيى قد يبدو مختلفا، خاصة بالنظر إلى وزنه السياسي وكونه، على غرار سعداني، جيء به من الظل ليتربع على كرسي زعامة حزب كبير ليلعب دورا في مرحلة عرفت الكثير من المد والجزر في تاريخ الجزائر في الألفية الثالثة.

ورغم هجماته المتكررة، قد يكون في حديث سعداني عن كون أويحيى باق في إطار توافق سياسي، يبدو أن زعيم “الأفالان” يقبل به على مضض، لكن ذلك لا يمنعه من تذكير خصمه بالحجم السياسي لجبهة التحرير، في إطار الصراع بين حزبي النظام، وبضرورة أن يتخلى عن ما يقول إنها طموحات سياسية لدى أويحيى، للترشح إلى رئاسة البلاد في 2019.

بالإضافة إلى قربه من الرئيس بوتفليقة وشقيقه السعيد وقائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، نسج سعداني علاقات متينة مع أصحاب المال المقربين اليوم من الحزب ومن محيط الرئاسة، بحيث تحول الرجل إلى “وحش سياسي” ينصت الجميع حينما يتكلم، كما تقول مجلة “جون أفريك”.