الرئيسية / ثقافة ومعرفة / بستيون.. برج تصدى لمحاولات اختراق العثمانيين لتازة
بستيون.. برج تصدى لمحاولات اختراق العثمانيين لتازة

بستيون.. برج تصدى لمحاولات اختراق العثمانيين لتازة

يتميز برج تازة المعروف بـ”البستيون” بتصميمه المربع الذي يصل طول ضلعه إلى ستة وعشرين مترا، ويرتفع بمقدار عشرين مترا من الناحية الخارجية للمدينة، يقول منتصر لوكيلي باحث في التاريخ والآثار في وصفه للبستيون.
ويؤدي المدخل بالواجهة الغربية إلى ممر يبلغ طوله خمسة أمتار يصله بساحة ذات تصميم يقارب المربع، تتميز هذه الساحة بالآجر الذي بلطت به، وموقعها فوق مستودع للمياه تجتمع فيه مياه الأمطار، كما أن مستودعا ثانيا يتصل بالمستودع الأول يجمع مياه الوديان المتفجرة من الجبال المحيطة بتازة ويحمل اسم “برج الماء”.
وكمجمل الأبراج والبستيونات، يقول منتصر فقد جرى بناء بستيون تازة بالطابية “التراب المدكوك” في الجدران الممتلئة، وجرى وضع الآجر في الأركان والزوايا والفتحات، ويحمل الملاط آثارا محفورة تمثل أشكال سفن أوروبية، ومما لا شك فيه أنها إضافات لاحقة على بناء البرج.
في السياق ذاته، درس هذا البرج مؤرخو العمارة المغربية كمارسيه وطيراس وكومباردو، هذان الأخيران يعيدان بناءه إلى النصف الثاني من القرن العاشر الهجري، وتتميز عمارة البستيون بكونها تستجيب للظرف التاريخي والجغرافي الذي عرف تصدي المنصور السعدي لشتى محاولات الاختراق العثماني، شأنها في ذلك شأن بستيونات فاس والعرائش، كما أن موقعه بالركن الجنوبي الشرقي للمدينة يمثل ردعا لأي تدخل نحو فاس عن طريق ممر تازة.
من جهة أخرى، يوضح منتصر لوكيلي أن هناك مدينة أثرية منغرسة قرب دوار أولاد الغول بمشيخة الربع الفوقي – جماعة بني فراسن – بإقليم تازة، من بناء الأمير موسى بن أبي العافية (حسب المصادر التاريخية)، كانت بمثابة حصن الأمير المكناسي، سيما بعد أن هاجمه حميد بن يصليطن من طرف أبي عبد الله الفاطمي سنة 933. وفي سنة 935 هاجم ميسور الخصي مدينة عين إسحاق وهدمها وفر موسى مهزوما إلى وادي ملوية، ويشير البكري في مسالكه إلى توفر المدينة على جامع وحمام وأسواق وقبة تعلو العين. ومازالت آثار جدار الإحاطة بادية للعيان بتصميم متعدد الأضلاع على طول 1000 متر تقريبا تتخلله آثار “أبراج” مستطيلة. كما أن “كدية الطبالة” توحي بلعبها دور قلعة محصنة للمدينة المندرسة.
وتأتي أهمية البستيون بموازاة أهمية السور المحصن للمدينة، إذ صفف الحجر الذي بني به السور المحصن لتازة مع وضع حجارة أفقية، وتشبه طريقة بنائه طريقة بناء حصن أمركو، سيما أن تأريخه يعود إلى سنة 1135 م، يصل عرض السور إلى 1.90م ويتوفر على ممر للدوريات بعرض 1.30م، وفي الزاوية الجنوبية الغربية ينتصب برج أسطواني، وعلى الواجهة الجنوبية تتغير مواد البناء فنجد الطابية، كما يحرسها خندق في الصخر يعتقد مؤرخ الفن مارسيه أنه من عهد بني مرين.
ويشار إلى أن منطقة تازة تتميز بموقعها على ممر يصل الشمال بالجنوب والشرق بالغرب، حيث تتنوع التضاريس لتشكل نقطة تحول بين ملوية شبه الجافة شرقا ووادي إيناون غربا والممتد نحو الحوض الأسفل لسايس، وبين منطقة الأطلس المتوسط الشرقي الجنوبي ومقدمة الريف الشمالي، هذا التنوع المقسم بقوة الطبيعة خلق نقطة التقاء بين أمازيغ اكزنايين الريفيين وأمازيغ آيت وراين وكذا القبائل الناطقة باللسان المغربي الدارج (البرانص، غياتة، تسول). هذا الموقع الجغرافي فرض على تازة الاضطلاع بأدوار مهمة عبر جميع المحطات التاريخية.