«داعش» والتصدير المادي للمشروع مغاربيا

غزلان جنان
2014-10-22T10:06:39+01:00
وجهات نظر
غزلان جنان16 أكتوبر 2014آخر تحديث : منذ 9 سنوات
«داعش» والتصدير المادي للمشروع مغاربيا
«داعش» والتصدير المادي للمشروع مغاربيا

عندما بدأ الحديث عن وجود خلايا تابعة لتنظيم «داعش» في منطقة المغرب العربي وبالتحديد في ليبيا وتونس، كان هناك من يرى في هذا الحديث مبالغة لا تستند إلى معطيات واقعية، وتضخيما لخطر محدود جغرافيا، ويشمل بالأساس سوريا والعراق.
ولكن ها هو الحصار، الذي قام به التحالف الدولي ضد «داعش» وتضييق الخناق عليها قد ضغطا على التنظيم الذي بدأ يكثف من محاولات تصدير مشروعه الإرهابي والدوغمائي ماديا إلى منطقة المغرب العربي. وإذ نشدد على توصيف التصدير المادي للمشروع، فلأن التصدير الفكري، قد تم منذ أشهر طويلة. لذلك، فما يحصل حاليا هو التصدير المادي وهو ما يُفسر الإمدادات المادية، التي يقدمها تنظيم داعش للخلايا التابعة له في منطقة المغرب العربي.
ويبدو لنا أن منطقة المغرب العربي باتت حاليا أكثر من أي وقت مضى، تمثل مستقبل «داعش»، باعتبار أن محاصرة هذا التنظيم دوليا في منطقة الشرق الأوسط، ستُرغمه مع تراكم خسارته على نقل المعركة ومشروعه وعتاده إلى منطقة المغرب العربي، خصوصا أن ليبيا تمثل ملجأ نوعيا لوجودهم واستمراريتهم ولو أن آفاق مشروعهم مسدودة.
من هذا المنطلق، فإن الحرب على «داعش»، يجب أن تكون في كل مكان توجد فيه خلاياه، وأن لا تُحصر فقط في نقطة جغرا – سياسية معينة، حتى ولو كانت هذه النقطة هي مركز التنظيم.
بمعنى آخر، يبدو لنا أن ترك المنافذ مفتوحة أمام تنظيم داعش للفرار إلى منطقة تعتبر اليوم هامشا جغرافيا لـ«داعش» وبديلا مغريا، من شأنه أن لا يُضعف التنظيم، ويجعله كالداء ينتقل من عضو إلى آخر، أي من الشرق الأوسط إلى المغرب. ومن ثم، فإن الحل يكمن في استراتيجية الحرب المفتوحة على التنظيم وأتباعه في كل مكان. وإذ نلح على هذه المسألة، فلأن تسرب هذا التنظيم إلى ليبيا هو أكثر من ناقوس خطر. وليس من السهل بالمرة على البلدان المجاورة الحدّ من هذا الخطر من دون خسائر إضافة إلى أن هذه الحرب لا سقف لها من ناحية الزمن أو الخسائر.
بيت القصيد أن النخب الحاكمة في بلدان المغرب العربي، يجب أن تكون مشاركة في الحرب على تنظيم داعش، وفي حالة يقظة حقيقية، خصوصا أن توتر الأوضاع في ليبيا والإعلان رسميا عن فرع لـ«داعش» في ليبيا، واستمرار الفوضى والعنف.. كل هذا وغيره يؤكد أنه لا يمكن التعامل مع كل هذه المؤشرات الخطيرة، وكأنها زوبعة في فنجان. فخطر «داعش» في المغرب العربي، سيظل قائم الذات بقوة، ما دامت ليبيا مرتعا للإرهابيين، وبلد البترول في نفس الوقت. أي أن ليبيا ألذ لقمة سائغة، يمكن أن يلتهمها تنظيم داعش في المغرب العربي.
من جهة ثانية يجب ألا نغفل عن حقيقة هشاشة الوضع في تونس، وكيف أنها تمثل معطى موضوعيا ساعد على ظهور أتباع لهذا التنظيم الوحشي في تونس. وفي هذا السياق نشير إلى ما صرح به وزير الداخلية التونسي من أن 2500 تونسي ينتمون إلى تنظيم داعش يتحركون ما بين العراق وسوريا. كما أعلن أنه تم منع 9 آلاف شاب تونسي من السفر إلى سوريا بهدف الجهاد.
وإذا ما تأملنا جيدا هذه الأرقام المفزعة والمخيفة، سنجد أنها تساوي تقريبا خمس الجيش التونسي، وأيضا خمس الجهاز الأمني التونسي، ناهيك أن منعهم من السفر لا يعني أن أمرهم قد تم حله، فهم عبارة عن قنابل موقوتة في انتظار قدوم التنظيم إليهم، بعد أن تعذر عليهم الذهاب إليه.
من جهة ثانية، تقول الأخبار الخاصة بتوصيف وحشية تنظيم داعش، إن التونسيين مع الأسف هم من أشرس المقاتلين وأكثرهم عدوانية.
لذلك فإنه في إطار هذه المؤشرات الجادة نضع تحرك الحكومة التونسية الحالي، وإيقاف العشرات من المنظمات المحسوبة على المنظمات الخيرية، حيث وُجهت للجمعيات الممنوعة من النشاط مجموعة من التهم تتعلق بالتعامل مع الإرهابيين، وتقديم المعلومات لهم وأشياء أخرى. وقد أوقفت الحكومة التونسية 19 جمعية في محافظة نابل (وهي المنطقة السياحية الأولى في تونس) المنظمات التي تنشط تحت غطاء العمل الخيري.
كما تلمس آثار المنتمين إلى «داعش» من خلال ظاهرة الكتابة على الحائط في بعض الشوارع التونسية، إذ تكتب شعارات مدافعة عن داعش منها «داعش تتمطط وتتمدد».
وفي الحقيقة فإن المؤشرات التي تُظهر وجود أصابع «داعش» في ليبيا بالأساس، ثم في تونس بدرجة أقل، أكثر من أن تحصى وتعد. والمشكلة أن المنطقة من الهشاشة والتجزئة على مستوى العلاقات بين دول المنطقة، مما يجعل نقل المشروع المحاصر اليوم في منطقة الشرق الأوسط إلى المغرب العربي سيناريو بصدد التحول سريعا إلى واقع سيُنهك المغاربة إلى حد العظم.
“الشرق الأوسط”

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق