تونس حزينة مثلنا فما المعنى؟!

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان23 يوليو 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
تونس حزينة مثلنا فما المعنى؟!
تونس حزينة مثلنا فما المعنى؟!
0207b95424681492afadb7a731556050 - مشاهد 24

تعيش تونس حالة من الحداد العام هذه الأيام، بمثل ما نعيش نحن حالة مشابهة، حزناً على جنودنا الثلاثة والعشرين الذين سقطوا على يد الإرهاب في الوادي الجديد.
ففي تونس، لم يكن الوضع مختلفاً، عندما سقط 15 جندياً على يد الإرهاب ذاته قبل الإفطار بنصف ساعة.
وعندما تقارن أنت بين الحالتين فسوف تلفت نظرك مفارقة مدهشة، بل مؤلمة، وموجعة، بقدر ما هي موحية!
هي موحية لأننا إذا فهمنا دواعي الإرهاب عندنا، فإننا لا نفهمها في تونس على أي حال.. لماذا؟! لأن مصر التي عزلت الجماعة الإخوانية في 30 يونيو 2013، كانت تتوقع إرهاباً من هذا النوع، ولاتزال، ثم كانت في الوقت نفسه عازمة على مطاردته، وملاحقته، واقتلاعه من جذوره، مهما كان الثمن.. ولأن الجماعة الإخوانية، حين فقدت السلطة قبل أكثر من عام، فإنها لم تفقدها في الحقيقة وحدها، وإنما فقدت معها عقلها في الوقت نفسه، وكذلك فقد المتعاطفون معها عقولهم، بالقدر ذاته، وليست الحالة المأساوية التي يظهر بها أردوغان على الناس سوى مجرد دليل على ذلك.. فالرجل يعيش حالة تدعو إلى الإشفاق حقاً.. ولماذا لا يعيشها وقد قضى المصريون الذين خرجوا في 30 يونيو، ومن ورائهم الجيش، على آماله العريضة في أن يكون خليفة للمسلمين كافة في المنطقة؟!
ولذلك، فإن وضعاً من النوع الذي استقر في مصر، فيما بعد 30 يونيو، لابد أن يكون له رد فعل عنيف، داخل بلادنا وخارجها، ولابد أن نظل نتوقعه، وأن نتعامل معه بما يليق به من وعى بحدوده، وانتباه لمخاطره، إلى أن يوطّن الذين لا يفهمونه ولا يستوعبونه أنفسهم، على أن ما كان قبل 30 يونيو قد مضى ولن يعود، وأن عشم الإخوان في الحكم، مرة أخرى، فيما بعد هذا التاريخ، لا يختلف عن عشم إبليس في الجنة.
وبما أن موقف جيشنا العظيم كان فاصلاً في الحكاية كلها، من أولها إلى آخرها، فالطبيعي أن يكون هدفاً طول الوقت، وأن يظل يثير في كل لحظة، غيظ الذين فقدوا كرسي الحكم، ومعه فقدوا العقول سواء بسواء!
طبيعي إذن أن يكون جيشنا الوطني هدفاً يجرى تصويب الضربات إليه، وطبيعي أن يسقط من أبنائه، من وقت إلى آخر، شهداء هم فداء هذا الوطن، وفداء لحياة أبنائه، فلولا هذا الجيش، الذي هو بيت الوطنية الأم في بلدنا، لكان حالنا، الآن، غير الحال!
وطبيعي، في المقابل، أن يلتف المصريون حول جيشهم، وأن يقفوا في ظهره، وأن يلوذوا بمؤسستهم العسكرية طول الوقت، وأن يدركوا تمام الإدراك أن هذه المؤسسة، بتاريخها الذي نعرفه، هي طوق النجاة لهذا الوطن، وأن يكون ذلك ماثلاً أمام أعينا، في اليقظة وفى المنام معاً.
ولكن، من غير الطبيعي، أن يكون الجيش التونسي هدفاً للضربات نفسها.. فحركة النهضة الإسلامية لاتزال تحكم هناك.. صحيح أنها تخلت عن الحكومة، رغم أنفها، عندما لاح أمام أعينها مصير الجماعة الأم في القاهرة، فأخذت عدة خطوات إلى الوراء وهى مرغمة، وقبلت بحكومة من خارجها كاملة، ولكنها كحركة لا تختلف عن الإخوان في شيء، سوى لغة الخطاب مع الناس، ولاتزال لها الأغلبية في البرلمان.
فما ذنب الجيش التونسي، إذن، إذا كان الإسلاميون يحكمون، وإذا كان هو كجيش ولاؤه الأول لبلده لم يتحرك ضدهم، تأييداً لرغبة شعبية جامحة، كما حصل عندنا في 30 يونيو؟!.. ما ذنبه، ولماذا اغتيال 15 من أبنائه في دقيقة؟!
ذنبه أنه كجيش وطني يظل حائط الصد الأخير، حين يكون الوطن على حافة الخطر، وذنبه أن الذين يؤمنون بالعنف ويحرضون عليه في المنطقة كلها يعرفون تماماً أنه لا مؤسسة في أي بلد فيها قادرة على حفظ كيان الوطن.. أي وطن.. سوى الجيش في المحصلة الأخيرة، وبما أن العنف الذي يعربد بيننا في يأس يدرك ذلك، ويراه، فإنه يستهدف حماة الأوطان بالأساس!
“المصري اليوم”

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق