هل تصبح الميليشيات الليبية شريكة في الحرب ضد “داعش”؟

سعد الدين لمزوق
2016-03-21T10:47:17+00:00
المغرب الكبير
سعد الدين لمزوق3 مارس 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
هل تصبح الميليشيات الليبية شريكة في الحرب ضد “داعش”؟
هل توجه الميليشيات الليبية بنادقها باتجاه "داعش" بدل محاربة بعضها البعض

منذ أزيد من أربع سنوات تخوض الميليشيات الليبية صراعا في ما بينها جعل البلاد ممزقة وعرضة للتدخل الخارجي ولتمدد الجماعات المتطرفة.

ومع ظهور تنظيمي “القاعدة” و”داعش” في ليبيا، بدأ الحديث، خاصة من طرف القوى الغربية، عن كيفية مواجهة هذا الخطر القريب من أوروبا والذي يهدد أيضا دول الجوار الليبي مثل تونس والجزائر ومصر وأيضا دول الساحل الإفريقي.

وفي الوقت الذي لوحت فيه العواصم الغربية بتدخل عسكري محدود لمواجهة “داعش” ليبيا، حذر عدد من المراقبين من كون هذا السيناريو قد يكون كارثيا وذا نتائج عكسية بحيث يمنح فرصة لهاته الجماعات المتطرفة من استقطاب مزيد من المجندين.

الخيار الأمثل بالنسبة للمتوجسين من التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا يظل هو تكوين قوات تابعة لحكومة مركزية متوافق بشأنها من أجل وقف تمدد الجماعات المتطرفة فوق التراب الليبي.

بيد أن تعثر المسار السياسي لحد الساعة، واستمرار الانقسام الحاصل بين معسكري طرابلس بقيادة ميليشيات “فجر ليبيا” وطبرق بزعامة ما يسمى “الجيش الوطني الليبي” بقيادة خليفة حفتر، يجعل أمر مواجهة “داعش” و”القاعدة” من طرف الليبيين أنفسهم أمرا معلقا.

إقرأ أيضا:أين ذهبت مليارات القذافي التي لم يتم إرجاعها لحد الساعة؟
في انتظار ذلك، تبقى الخشية المعلنة للغرب هو استمرار اتساع صفوف التنظيم مستفيدا من غياب المراقبة على الحدود الليبية الشاسعة مع أكثر من دولة، دون نسيان احتمال انتقالات قيادات من التنظيم في سوريا والعراق للإشراف على الفرع الليبي بغية المساهمة في تمدده أكثر مستفيدا من الفوضى السائدة في ليبيا.

الانقسام الداخلي الحاصل في ليبيا بين من يحملون السلاح ومن يمثلون السلطة السياسية في شرق وغرب البلاد، لم يمنع مع ذلك الدول الغربية (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) من إيفاد عسكرييها وجنودها إما للإشراف على تدريب قوات ليبية، أو القيام بعمليات عسكرية سرية.

تحول الميليشيات الليبية إلى شريك في الحرب على “داعش” و”القاعدة” في ليبيا يبقى رهينا بمدى استعدادها بعدم توجيه السلاح ضد بعضها البعض رغبة منها في حسم الصراع العسكري الذي انطلق مع عملية “الكرامة” في ماي 2014، حينما رفع اللواء خليفة حفتر شعار تطهير مدينة بنغازي من “الإرهابيين”، في إشارة إلى ميليشيات “ثوار بنغازي” الإسلامية المتحالفة مع “فجر ليبيا”، لتدخل البلاد دوامة ما يعتبره عدد من المحللين حربا أهلية ويسميه البعض “الحرب الليبية الثانية”.

الصراع المسلح الذي نشب بين بقايا الجيش الليبي بقيادة حفتر، والميليشيات المسلحة التي حاربت ضد القذافي أو ظهرت ما بعد سقوطه، تم إذكاءه بالخصوص بسبب تدخل أطراف خارجية لدعم هذه الجهة أو تلك، كما الحال بالنسبة لقطر وتركيا مع إسلاميي طرابلس وبنغازي والإمارات ومصر مع حفتر ومؤيديه.

حديث الأوساط الدولية عن حكومة الوحدة الوطنية كمفتاح لحل أزمة الانقسام الداخلي في ليبيا يصطدم بإكراهات الواقع في ظل الشك الذي يحوم حول إمكانية أن تنجح حكومة فايز السراج في بدء عملها انطلاقا من طرابلس في ظل رفض الميليشيات المسلحة لهذه الحكومة، بالإضافة إلى كون المشهد الليبي يعرف بلقنة للميليشيات ما يجعل مسألة نزع سلاحها أو دمجها في أجهزة الأمن أمرا مستبعدا للغاية.

هذا الوضع يجعل مستقبل ليبيا معلقا ويدفع للاعتقاد بأن هذه الميليشيات ليست أقل خطرا على البلاد ومستقبلها من تنظيمي “داعش” و”القاعدة” لكونها جزءا من معضلة ليبيا ما بعد الثورة.

وبالتالي تبدو الميليشيات الليبية مدعوة للمساهمة في إحلال السلم في ما بينها أولا قبل أن يمكن التعويل عليها لتكون طرفا في القضاء على تنظيم “داعش”.

من جانبه، يبدو الغرب الذي بدأ في الحشد ضد ليبيا بدعوى محاربة “داعش” وفيا للعبة التي يجيدها أكثر، لعبة الحرب وإسقاط الأنظمة بدل الإعمار والمساهمة في تحقيق الديمقراطية وبناء الدولة كما وعد من قبل حين كانت طائرات تقصف نظام القذافي إبان ثورة 2011.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق