شهدت الساحة السياسية المغربية خلال سنة 2017 والتي سنودعها بعد أيام قليلة، رزمة من الأحداث والتطورات الهامة بعضها كان استثنائيا والبعض الآخر كان تحصيل حاصل.
ففي هذه السنة، تناسلت مجموعة من الأحداث بالمغرب والتي على ضوئها اتُخذت قرارات سياسية حازمة على أعلى مستوى بدءًا بإعفاء الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، من رئاسة الحكومة، وكذا “قتله” سياسيا من طرف إخوانه الذين أبعدوه من مؤسسات الحزب الحساسة، وهو نفس المصير الذي تعرض له حميد شباط، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، مروراً بـ “الزلزال السياسي” الذي أحدثه الملك محمد السادس، في الدوائر السياسية وذلك بعد أن أعفى عددًا من الوزراء والمسؤولين الذين قصّروا في مشاريع تنموية بالحسيمة، وصولاً إلى عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، وكذا إطلاق أول قمر صناعي مغربي في الفضاء، وغيرها من الأحداث التي سنقف عليها.
عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي
يوم الاثنين 30 يناير 2017، سيظل مشهودًا في دهن العالم والأفارقة على الخصوص، حيث تمكن المغرب من العودة إلى شغل مقعده داخل الاتحاد الإفريقي بعد عقود من تركه، احتجاجا على قبول عضوية جبهة البوليساريو داخلها سنة 1984.
وقد نال المغرب مطلع السنة الجارية، موافقة أغلبية الأصوات خلال اجتماع مغلق بالقمة الـ28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، التي انعقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا شهر يناير.
وبحسب مجموعة من الرؤساء الأفارقة ستمنح عودة المغرب إلى بيته الإفريقي دينامية جديدة للاتحاد.
إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة وتعيين العثماني
يوم 15 ماي 2017 أصدر الديوان الملكي المغربي بيانا أعلن فيه أن الملك محمد السادس، قرر إعفاء عبد الإله بنكيران من منصب رئيس الحكومة بسبب عدم قدرته على تشكيل الحكومة بعد خمسة أشهر على فوز حزبه بالانتخابات، وقرر “أن يعين كرئيس حكومة جديد، شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية”.
وقال الديوان الملكي في بيان آنذاك: إن الملك “أخذ علما بأن المشاورات التي قام بها رئيس الحكومة المعين، لمدة تجاوزت الخمسة أشهر، لم تسفر عن تشكيل أغلبية حكومية، إضافة إلى انعدام مؤشرات توحي بقرب تشكيلها”، لذلك قرر “أن يعين كرئيس حكومة جديد، شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية”.
بعد هذا التطور، تم تعيين سعد الدين العثماني، خلفا لبنكيران، حيث استقبله الملك محمد السادس، يوم الجمعة 17 مارس 2017، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، وكلفه بتشكيل الحكومة. وفي ظرف وجيز استطاع العثماني أن يشكل حكومته والتي أثارت الكثير من الجدل يوم 5 أبريل 2017.
الملك يأمر بالتحقيق في تعثر برنامج “الحسيمة منارة المتوسط”
يوم الـ25 يونيو 2017، عبّر الملك محمد السادس لحكومة سعد الدين العثماني، وللوزراء المعنيين ببرنامج الحسيمة منارة المتوسط، بصفة خاصة، عن استيائه وانزعاجه وقلقه، بخصوص عدم تنفيذ المشاريع التي يتضمنها هذا البرنامج التنموي الكبير، الذي تم توقيعه تحت رئاسته، بتطوان في أكتوبر 2015، في الآجال المحددة لها.
وفي هذا الصدد، أصدر الملك حينها تعليماته، وفق بلاغ تلاه الناطق الرسمي باسم القصر الملكي عبد الحق المريني، لوزيري الداخلية والمالية، قصد قيام كل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية، بالأبحاث والتحريات اللازمة بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتحديد المسؤوليات، ورفع تقرير بهذا الشأن، في أقرب الآجال.
وقرر الملك عدم الترخيص للوزراء المعنيين بالاستفادة من العطلة السنوية، والانكباب على متابعة سير أعمال المشاريع المذكورة.
“الزلزال السياسي” يضرب بقوة
يوم الـ24 أكتوبر 2017، قرر الملك محمد السادس، إعفاء عدد من الوزراء والمسؤولين البارزين، وذلك بعد أن أكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن التحريات والتحقيقات التي قام بها أثبتت وجود مجموعة من الاختلالات تم تسجيلها في عهد الحكومة السابقة، في برنامج الحسيمة منارة المتوسط.
وفي هذا الإطار، وتطبيقا لأحكام الفصل 47 من الدستور، ولاسيما الفقرة الثالثة منه، وبعد استشارة رئيس الحكومة، قرر الملك إعفاء عدد من المسؤولين الوزاريين. ويتعلق الأمر بكل من:
محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة.
محمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة.
الحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرا للصحة في الحكومة السابقة.
العربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتكوين المهني، بصفته مديرا عاما لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقا.
كما قرر الملك إعفاء علي الفاسي الفهري، من مهامه كمدير عام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
“زلزال الإعفاءات” يطال “أم الوزارات”
يوم الـ 11 ديسمبر الجاري، أقدم الملك محمد السادس، على إعفاء العديد من المسؤولين في السلطة التنفيذية، لارتباطهم بالتقصير بشكل أو بآخر في تنفيذ المشاريع التنموية بالبلاد، وكذا ثبوت تقصيرهم في مهامهم.
وأفاد بيان للديوان الملكي حينها وبالضبط ليلة الاثنين، أن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، قدم إلى الملك محمد السادس، نتائج التحريات التي قامت بها وزارته، معتمدة في ذلك على الأبحاث والتقارير الميدانية المتعلقة بالتتبع المستمر لعمل رجال السلطة.
ورصدت هذه التحريات حالات تقصير في القيام بالمسؤولية لدى عدد من رجال السلطة، المنتمين لمختلف درجات هذه الهيئة، ليتم توقيف، والٍ واحد، و6 عمال، و6 كتاب عامين، و28 باشا ورئيس دائرة ورئيس منطقة حضرية، و122 قائدًا، و17 خليفة قائد.
وحسب الديوان الملكي “تفعيلًا للمبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت في حقهم تقصير في القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم المهنية، رفع وزير الداخلية للنظر الملكي مقترحات إجراءات تأديبية في حق المسؤولين المعنيين”، وذلك على الشكل التالي:
بالنسبة لوالٍ وستة عمال: التوقيف عن ممارسة مهامهم، وإحالتهم على المجالس التأديبية المختصة، وبالنسبة للمسؤولين المنتمين لباقي درجات رجال السلطة: توقيف 86 رجل سلطة عن ممارسة مهامهم، في أفق عرضهم على أنظار المجالس التأديبية المختصة، قصد توقيع الجزاءات المناسبة: توجيه توبيخ لـ 87 رجل سلطة.
وفي هذا الصدد، ختم البلاغ، “أصدر الملك تعليماته قصد اتخاذ التدابير القانونية اللازمة في هذا الشأن”.
نهاية بنكيران
بعد إجراء المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية والذي تم تنظيمه يومي 09 و10 ديسمبر 2017 طويت صفحة عبد الإله بنكيران، أشهر أمين عام مرّ في تاريخ حزب العدالة والتنمية، بشكل رسمي، بعد أن حمل سلفه سعد الدين العثماني “مصباح” الحزب وسط توقعات بانقسام هذا الكيان السياسي، وذلك استناداً إلى مخرجات المؤتمر الوطني الثامن للحزب والذي “قتل” بنكيران سياسيًا، وأخرجه من الباب الضيق وأبعده عن رئاسة كل الأجهزة الهامة وعلى الخصوص المجلس الوطني والأمانة العامة للحزب، وهو ما أثار حنق مناصريه الكثر.
ويرى مجموعة من المتابعين أن حزب العدالة والتنمية بات على محك حقيقي بعد مرحلة بنكيران، إذ تحكمه ضبابية حول مستقبله بعد مرحلة الأمين العام الستبق. وقد سبق المؤتمر الوطني الثامن نقاش قوي حول الولاية الثالثة لبنكيران ومستقبله السياسي.
شباط.. نهاية الشعبوية
تمتع الأمين العام السابق لـ”حزب الاستقلال” حميد شباط، بشخصية فريدة لم يألفها المشهد السياسي المغربي، وذلك من خلال تصريحاته غير المألوفة وطريقته الشعبوية في تدبير شؤون الحزب.
وفشل شباط يوم 7 أكتوبر 2017 في ضمان ولاية ثانية له على رأس “حزب الاستقلال”، بعدما تمكن نزار بركة حفيد مؤسس الحزب وزعيمه التاريخي علال الفاسي، من الظفر بالأمانة العامة بفارق شاسع بينه وبين شباط، ليخرج الأخير من زعامة الحزب من الباب الضيق، في ظل الدعم الكبير الذي يحظى به بركة من قبل أغلبية أعضاء المجلس الوطني.
إطلاق قمر “محمد السادس- أ “
تمكن المغرب يوم الأربعاء 8 نونبر 2017، وبالضبط عند الساعة الواحدة و 43 دقيقة صباحا بتوقيت غرينيتش، من إطلاق أول قمر صناعي له، وهو يحمل اسم “محمد السادس أ”، وبهذا يصبح ثالث دولة أفريقية تملك قمرًا صناعيًا خاصًا بها بعد مصر وجنوب إفريقيا.
وانطلق القمر الصناعي الذي يبلغ وزنه 1110 كلغ على متن الصاروخ الإيطالي الصنع من طراز ” فيغا”، الذي يقوم برحلته رقم 11 منذ بداية استغلاله في 2012.
وتم الإقلاع من قاعدة كورو، التابعة لمنطقة غوايانا الفرنسية على الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية في ظروف جيدة.
وسيتولى هذا القمر تنفيذ مهام عسكرية ومدنية، منها مهام المراقبة والتجسس والاستخبارات، ومراقبة الحدود المغربية البرية والبحرية، والرصد الدقيق للتنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى التسلل إلى البلاد.