منذ اندلاع الأزمة الخليجية بين قطر والسعودية على الخصوص، ظل موقف المملكة المغربية محايداً، معلنة في الوقت ذاته بسط يد الوساطة في اتجاه جل الأطراف المعنية بهذا الخلاف.
ولا يستبعد مراقبون للملف الخليجي أن تكون زيارة العاهل المغربي والتي يجريها للخليج وتحديدًا للإمارات العربية المتحدة وقطر، بمثابة تفعيل لتلك الوساطة والتي قد تلعب دورًا فعالاً لرأب الصدع بين “الأسرة الخليجية”، في ظل فشل المبادرة الكويتية.
ويرى الدكتور إدريس الكنبوري، الأكاديمي والباحث والمحلل السياسي في تصريح لـ مشاهد24 أن زيارة الملك محمد السادس لكل من الإمارات العربية المتحدة وقطر، في هذه الفترة الخطيرة التي تمر منها منطقة الخليج، تعتبر اختراقًا كبيرًا على المستوى الدبلوماسي. فحتى الآن “لم يتجرأ أي رئيس دولة عربية على زيارة البلدين في وقت واحد وفي جولة واحدة. كما أن الزيارة ـ وهي زيارة مرتبة طبعا قبل أيام ـ تتزامن تماما مع اليوم الذي أعلن فيه أمير الكويت فشل الوساطة الكويتية لحل الأزمة بين قطر وجيرانها”.
وأضاف الكنبوري، أن علاقات الصداقة الشخصية بين العاهل المغربي وزعماء الخليج تؤهله إلى المبادرة بالوساطة في هذا النوع من النزاعات. كما أن الشراكة الإستراتيجية المنعقدة بين الرباط والخليج، والعلاقات الثنائية التي تقوم على لجان مشتركة للتعاون في عدة مجالات، يجعل المغرب محايدًا إيجابياً.
واعتبر المحلل السياسي، أن شروط دول التحالف المفروضة على قطر قد يتم تحيينها، في المقابل وجب على قطر الالتزام بها للعودة إلى حضن الأسرة الخليجية، وقد يقوم العاهل المغربي بتقريب وجهات النظر في ما يخص المقاربة الخليجية للإرهاب، وإقناع الدوحة بتغيير الخط التحريري لقناة الجزيرة تفاديا لإغلاقها.
ويؤكد الكنبوري، أن فرص نجاح هذه الوساطة ترتبط بالإسراع في تفعيلها قبل فوات الأوان في ظل الأحداث المتسارعة التي يشهدها الخليج.
من جانبه قال سعد ناصر، الأكاديمي والمحلل السياسي في تصريح لـ مشاهد24، إن زيارة الملك محمد السادس إلى كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر، تحمل أبعاد دولية واضحة، وليس بالبعد الضيق للعلاقات الثنائية، وذلك لكون الزيارة لم تكن مبرمجة من قبل، ناهيك عن تزامنها والظرف الدقيق والحساسة التي تمر منها منطقة الخليج.
ويرى المحلل السياسي، أن تواجد العاهل المغربي بالخليج، يأتي بعد إعلان نهاية مهمة الوساطة الكويتية لحلحلة الأزمة الخليجية بين قطر وباقي دول المنطقة، كما أن التوتر المتصاعد بين السعودية وإيران، إثر هجوم الحوثيين، المدعومين من قبل طهران، على الرياض مؤخرا، حتمت أكثر من أي وقت مضى، على ضرورة تكاثف جهود الوحدة الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام، للم الصفوف، من أجل مواجهة التهديدات الإيرانية التي بلغت مداها وصارت تتهدد أمن المنطقة الخليجية والسعودية بشكل خاص والعربية بشكل عام، لكونها قبلة للمسلمين.
وتحمل الخطوة المغربية، من أجل رأب الصدع الخليجي، مؤشرات نجاح كبيرة، مقارنة مع محاولات دولية سابقة، بالنظر لما لعلاقات الود والاحترام المتبادل بين الرباط والدول الخليجية، وكذا لكون، الظرفية الخليجية أحوج ما تكون إلى الوحدة ولمّ الصفوف، والتي تحتاج فقط إلى تقريب المسافات وإيجاد لغة تواصل مشتركة ومصالحة مع الذات.