قال محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن الخطاب الملكي جاء بمضامين سياسية قوية موجهة لكل من يقوم بتدبير الشأن العام ، سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني، بفعل تراكم اختلالات مردها إلى غياب الحكامة وضعف الانتاجية….ثم ممارسة العمل السياسي بنوع من الاستخفاف بالمصلحة العامة وتغليب المصلحة الذاتية.
واعتبر زين الدين أن تحميل مسؤولية هذه الاختلالات إلى الطبقة السياسية مجتمعة، كان حاضرا جدا في الخطاب الملكي، ما يقتضي إيجاد حلول جريئة للخروج من هذا الوضع، وبالتالي اتخاذ إجراءات مستقبلية حول تحديد المسؤوليات وربطها بالمحاسبة، مؤكدا أن زمن المحاسبة أصبح يفرض نفسه بإلحاح بالنظر إلى كل هذه التراكمات.
واعتبر الأستاذ الجامعي الخطاب هو أيضا تقييم لحصيلة 18 سنة من المشاريع التي تحققت فيها نتائج إيجابية ومهمة بالنسبة للمغرب، مثل نجاح المخطط الفلاحي ونجاح مشروع الطاقة، “لكن تبقى الأوراش التنموية ذات الصبغة اجتماعية محدودة إن لم نقل أن هناك عجز كبير في تحقيقها”.
الخطاب الملكي، حسب المحلل السياسي، شخّص أيضا الأسباب حين تحدث عن انعدام روح المسؤولية لدى الطبقة السياسية، ونزعة الأحزاب إلى تصفية الحسابات الشخصية ولو على حساب المصلحة العامة، فضلا عن انعدام الكفاءة المفترض إعمالها في تدبير البرامج التنموية، الأمر الذي انعكس على المواطن المغربي بشكل عام، ما أدى إلى تفجير الغضب في عدد من مناطق المملكة، وما يجعل كل الطبقة السياسية مسؤولة عن ما وقع في الحسيمة، وفي مناطق أخرى.
وقال زين الدين إن الخطاب قدم تصورا عما يمكن أن تقدم عليه الدولة لتجاوز كل هذا الوضع المحتقن، معتبرا (الخطاب) أن إصلاح الإدارة العمومية يبقى المدخل الأساسي للحلول، معربا عن اعتقاده أن الأمر يحتاج إلى مناظرة وطنية كبرى تستنهض روح الوطنية لدى القائمين على تسيير الشأن العام، على اعتبار أن عرقلة وتوقيف الأوراش التنموية لم يعد تخاذلا فقط، بل هو خيانة.
واعتبر زين الدين أن هناك صيغ متعددة لتفعيل الحلول، قد نشهدها مستقبلا، وتترواح ما بين إعفاء أو إقالة المسؤولين عن هذه الاختلالات من مناصبهم وقد تصل إلى القضاء، على أساس احترام القانون والمؤسسات، وضمان محاكمات عادلة، كما جاء في خطاب الملك.
وأكد المحلل السياسي أن الخطاب أبرز بصراحة أن هناك طبقة سياسية تستفيد من كافة الامتيازات، دون أن تفيد المواطن الذي تتواجد من أجله ولخدمته، ولا أدل على ذلك وقوفها موقف المتفرج في عدد من الأحداث دون أن تقدم على أي مبادرة معينة أو تقوم بدور وسيط لحل المعضلة الاجتماعية بالأساس.
وأثار زين الدين تساؤلا حول كلفة استمرار هذا الوضع، وهي كلفة أصبحت تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي للمغرب، ما يقتضي الآن إعمال إجراءات عملية وفعالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفي مقدمتها استحضار منطق الحزم في التعامل مع اختلالات الإدارة العمومية التي تعتبر المدخل الأساسي إلى كل إصلاح، مع استحضار التعبئة والروح الوطنية التي ينبغي أن تظل مواكبة لمختلف المجهودات التنموية التي تحققت حتى الآن.