الرئيسية / سياسة / خبراء يكشفون لـ مشاهد24 دلالات عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكوبا
العلاقات الدبلوماسية

خبراء يكشفون لـ مشاهد24 دلالات عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكوبا

بعد قطيعة دامت نحو 37 عاما وقعت المملكة المغربية وجمهورية كوبا، نهاية الأسبوع الماضي، بنيويورك، اتفاقا يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على مستوى السفراء. خطوة تنوي بحسب بيان الاتفاق إلى “تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الطرفين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها”.

يرى عبد الفتاح الفاتحي، الأكاديمي والباحث في قضايا الساحل والصحراء، في تصريح لـ مشاهد24 أن “استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكوبا حدث مفصلي في الدبلوماسية الملكية على مستوى أمريكا اللاتينية، نظرا للوزن السياسي والتاريخي لكوبا ولمواقفها الراديكالية حيال ما تعتبرهم يمثلون حركات تحرر من أجل تقرير المصير، وعليه فإن استئناف علاقتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية، يعد تطورا جديدا في موقفها السياسي، ويؤشر عن تفاهمات اقتصادية ودبلوماسية في أفق توفيق وجهات نظر البلدين”.

وأضاف الخبير في قضايا الساحل والصحراء، أن استئناف المغرب علاقاته مع كوبا “يعني كسر مسار التعاون الدبلوماسي الكوبي – الجزائري، المتجذر إيديولوجيا ودبلوماسيا، والذي ساهم عسكريا وماليا لدعم جبهة البوليساريو”.

وزاد المتحدث قائلا: “الاتفاق الذي تم توقيعه سيتم بموجبه احترام المصالح الإستراتيجية للبلدين، وسيفتح نقاشا حول آفاق التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وما يقتضيه ذلك من تعديلات في المواقف السياسية”.

واستطرد الفاتحي، “هذا القرار يؤسس لمرحلة بناء العلاقة المغربية الكوبية في كافة المجالات، في المقابل فإنه سيقلل كثيرا من حجم الإسناد العسكري والمادي والمعنوي لمواقف الجزائر والبوليساريو”. مردفا “أن هذا التطور في العلاقات المغربية الكوبية يعكس تطور نسق دبلوماسي جديد اعتمده الملك محمد السادس خلال قرار عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، أساسه تقديم المصالح الاقتصادية والتنموية على المواقف السياسية لما له من عائدات ربحية أكثر أهمية، وهو ذات النهج الذي سيتواصل العمل به في أمريكا اللاتينية مع البرازيل والميكسيك وغيرها من الدول، التي تنسجم طبيعتها مع إستراتيجية تعاون جنوب جنوب”.

وفي اعتقاد الخبير المهتم بقضايا الساحل والصحراء، فإن الجزائر “لن تتقبل هذه التطورات، طالما أن السياسة الخارجية الكوبية لا يمكن أن ترهن مستقبل علاقاتها في حلم غير واقعي التنفيذ، ولذلك يتوقع أن تقود الجزائر الكثير من المناورات السياسية”.

دبلوماسية المغرب تبعثر أوراق الجزائر

من جانبه يرى الباحث والمحلل السياسي إدريس الكنبوري، في تصريح لـ مشاهد24 أن هذه الخطوة تندرج ضمن إطار الدبلوماسية الجديدة للمغرب في أعقاب عودته إلى الاتحاد الإفريقي، “فقد أصبح عليه أن يعمل من داخل المنظمة من أجل حشد التأييد لمواقفه في قضية وحدته الترابية، وعزل جبهة البوليساريو بطريقة تدريجية تعتمد الدبلوماسية كساحة مواجهة جديدة”.

وأضاف الكنبوري، أن كوبا هي آخر البلدان التي كانت جبهة البوليساريو تراهن عليها، وكانت ضمن أكثر البلدان الاشتراكية التي تدعم ما يسمى بالجمهورية الصحراوية، وتحتضن صحراويين كل سنة لتدريبهم، وتقوم بتسليح الجبهة، ولكن انهيار الاشتراكية في التسعينات، دفع كوبا إلى التقليص من مساعداتها للبوليساريو، خصوصا وأن منظمة التعاون الاقتصادي ـ الكوميكون ـ لم تعد موجودة، وهي منظمة كانت موسكو هي التي تقودها وتعمل على دعم وتمويل البلدان الاشتراكية، ثم جاء غياب فيديل كاسترو عن السلطة ثم وفاته، لينهي مرحلة الشعارات الثورية في كوبا، لحساب الواقعية السياسية.

وفي اعتقاد المتحدث، فإن هذه السهولة التي عادت بها العلاقات بين المغرب وكوبا “تظهر لنا العزلة السياسية والإقليمية التي تعيشها هذه الأخيرة، بمثل ما تظهر لنا نجاح الدبلوماسية الهادئة التي يقودها المغرب”.

وزاد الباحث، أن هذه الخطوة من “شأنها أن تدفع عددا من البلدان التي لا زالت تساند البوليساريو أو ما يسمى بالجمهورية الصحراوية الوهمية على مراجعة مواقفها، لأن كوبا كانت من أكبر الداعمين للبوليساريو طيلة أربعة عقود تقريبا، وظلت تربط اعترافها بالطموحات الثورية لهافانا في مرحلة كاسترو”.

وأردف إدريس الكنبوري قائلا: “اليوم مسؤولو البوليساريو يعيشون نوعا من الأزمة تجاه هذا الموقف المفاجئ لكوبا، والذي لم يكن منتظرا لديهم، فهم يقولون إن هذا الموقف طبيعي لأن الجزائر نفسها تحتضن سفارة للمغرب، وفي نفس الوقت سفارة لما يسمى الجمهورية الصحراوية الوهمية، وأن الوضع في كوبا سيكون شبيها بالجزائر، وهذا في اعتقادي يعكس حالة الصدمة”.

وكانت المملكة المغربية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوبا عام 1980، بعدما أعلنت هافانا اعترافها بالبوليساريو.

وأشارت تقارير إعلامية أن الملك محمد السادس التقى خلال زيارته الأخيرة لكوبا بعدد من المسؤولين الكوبيين بصفة غير رسمية.

وأوضحت أن العاهل المغربي اجتمع بشكل سري بالرئيس الكوبي راؤول كاسترو، وتدارسا مجموعة من القضايا التي تهم البلدين ومنها عودة العلاقات الدبلوماسية.