الرئيسية / سياسة / إسبانيا تعرض خدماتها لتكون صلة وصل بين واشنطن وافريقيا الشمالية والشرق الأوسط؟
ماريانو راخوي

إسبانيا تعرض خدماتها لتكون صلة وصل بين واشنطن وافريقيا الشمالية والشرق الأوسط؟

لم يخف بعض المسئولين الأسبان ارتياحهم على إثر الاتصال الهاتفي الذي جرى مساء أمس الثلاثاء، بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة، ماريانو راخوي ، والذي دام أقل من المقرر بقليل (20 دقيقة).

وتجلى الارتياح من خلال الاستعداد الذي ابداه المسؤول الإسباني الأول، ليكون صلة الوصل او المتحدث باسم أوربا وأميركا اللاتينية بل حتى إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط، ما يوحي أن الإدارة الجديدة في واشنطن، ربما تستشعر صعوبات مرحلية في الاتصال بتلك الفضاءات الجغافية والسياسية الشاسعة والتي يرتبط اغلبها بمصالح حيوية اقتصادية وعسكرية مع القوة العظمى.

ووفقا لتحليلات نشرت في الصحافة الإسبانية  الصادرة اليوم، ذهبت إلى الاستنتاج بأن اختيار “ترامب” لرئيس الحكومة الإسبانية، ليكون في طليعة المسئولين الذين حاورهم ليعرض عليه تصوراته العامة بخصوص السياسات التي سينتهجها في المستقبل؛ يعتبر أي  الاتصال الهاتفي، بمثابة مكافأة معنوية لرئيس الوزراء الإسباني، كون هذا الأخير التزم الحذر والتريث  في التعليق على  الاختيار الديمقراطي الذي عبر عنه الشعب الأميركي، ما جعل، راخوي، يوصي  المسئولين الحكوميين كي يكونوا حذرين في الإدلاء بتصريحات أو الوقوع في زلات لسان، تصب ضمن حملة النقد والتعبير عن المخاوف التي اتسمت بهما تصريحات بعض المسئولين والزعماء في العالم.

وتنظر واشنطن، إلى إسبانيا كحليف استراتيجي موثوق به على الصعيد العسكري، بالنظر إلى أنها  تأوي قاعدتين عسكريتين ضخمتين (روتا ومورون) حيويتين بالنسبة لمنظومة الدفاع الأميركي وانتشار قواتها المسلحة   في الخارج.

إلى ذلك تربط البلدان علاقات ومصالح اقتصادية كبرى حيث تستثمر 700 شركة  ومقاولة إسبانية في بلاد العم سام، توفر 80 ألف فرصة عمل، يقابلها استثمار أميركي في إسبانيا  إنما بحجم أقل.

ويبدو على صعيد آخر أن واشنطن، تعتبر  إسبانيا مؤهلة أكثر من غيرها لممارسة تأثير معنوي على دول أميركا الجنوبية التي بدأت مؤشرات التباعد بل ظهور علامات الأزمة بينها وبين ساكن البيت الأبيض، على خلفية سلسة من التدابير القاسية سواء المتعلقة بالحماية الاقتصادية أو إغلاق الحدود مع المكسيك بواسطة سور عملاقيقال إنه  سيمول من الرسوم المفروضة على الواردات المكسيكية إلى أميركا الشمالية.

تلك التدابير وأخرى ،أثارت مخاوف عدة في اغلب دول أمريكا الجنوبية التي سرت حمى التضامن فيما بينها بصرف النظر عن الأضرار التي قد تسببها  لبعضها السياسة الأميركية الجديدة في عهد الرئيس “ترامب ” ما يحمل على الاعتقاد أن، واشنطن، قد تضطر إلى نهج شكل من أشكال من الاعتدال والتهدئة ن فاختارت لذلك الجسر الإسباني

وما يلفت النظر في عرض، راخوي، اولتعبير عن استعداده ليكون رسول السلام والتعاون بين واشنطن ودول الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية؛ أنه يضفي أهمية كبرى على الأدوار التي يمكن أن تضطلع بها بلاده لدى ب المنطقة  المذكورة ،يؤهلها لذلك علاقاتها الطيبة مع أغلب دولها، فضلا عن التزامها بما يمكن وصفه بـ “الحياد البعيد” عن الأزمات والتوترات التي تشهدها

ومن المؤكد أن نجاح إسبانيا في الأدوار التي رسمتها لنفسها، يتوقف في المقام الأول على طبيعة السياسات الخارجية الأميركية الدفاعية والأمنية والاقتصادية؛ فإن طبقت بحذافيرها وكما وردت في البرنامج الرئاسي ل “دونالد ترامب” فستواجه مدريد صعوبات وحرجا  في التوفيق بين مصالح الأطراف؛ لكنها يمكن على صعيد ثنائي تعزيز موقعها كحليف ثابت للإدارة الأميركية، يعول عليه في المعارك ضد اٍلإرهاب والاستقرار الأمني.

من جهة أخرى، يصعب على إسبانيا الاضطلاع بدور أكبر من حجمها لدى الشركاء الأوروبيين  على سبيل المثال افأولائك لن يتحمسوا لتكون  مدريد الناطق باسمهم لدى القوة الأعظم. وستكون قمة الحلف الأطلسي في شهر مايو المقبل، والتي سيحضرها “ترامب” مناسبة لحل  أو تعقيد كثير من الإشكالات العالقة بين الأطراف.