الرئيسية / سياسة / وزير التربية الوطنية تحرر من ربطة العنق لكنه ظل أسير اللغة الفرنسية !!
وزير التربية

وزير التربية الوطنية تحرر من ربطة العنق لكنه ظل أسير اللغة الفرنسية !!

أخيرا ظهر رشيد بلمختار،وزير التربية الوطنية  على شاشة القناة الثانية،متحررا من ربطة العنق،ولكنه ظل أسيرا للغة الفرنسية التي يفضل الحديث بها لمختلف وسائل الإعلام،متجاهلا العربية،لغة البلاد الرسمية حسب الدستور،بالإضافة طبعا إلى الأمازيغية،التي مازالت في انتظار تنزيلها الفعلي على أرض الواقع.

الوزير لم يتطرق  في حديثه التلفزيوني لأي انشغال من انشغالات الرأي الوطني العام، فلا هو أعطى توضيحا بخصوص الجدل الدائر حاليا حول عزم المغرب إلغاء مجانية التعليم،ولا هو اقترب من معاناة الأساتذة المتدربين،ولا هو تحدث عن مقاربة جديدة لإصلاح قطاع التعليم المعطوب، الذي أجمع الكل على أنه في وضع كارثي.

كل هذه الملفات الساخنة وغيرها لم يحاول وزير التربية أن يلامسها،لأن طبيعة برنامج”كتاب قريتو” الذي حل ضيفا عليه، تسعى إلى تحفيز الناشئة على القراءة، وهذه بادرة محمودة، غير أن اللافت للانتباه،والمثير للاستغراب، هو أنه اختار مخاطبة المشاهدين المغاربة بلغة غير لغتهم، متحدثا باللغة الفرنسية عن كتاب بالفرنسية.!!

لو حدث هذا في أي بلد آخر، غير “أجمل بلد في العالم” لقامت الدنيا ولم تقعد،إذ لايمكن أبدا قبول هذا التصرف من وزير وصي على قطاع التعليم،كان الأحرى به أن يتوجه إلى مواطنيه باللغة التي يفهمونها، ويتداولونها في حياتهم اليومية،بدل لغة أجنبية لايعرفها الكثيرون منهم.

أكيد أن هناك أكثر من مشاهد مغربي أصيب بالصدمة وهو يتابع مسؤولا حكوميا لاينطق حرفا واحدا باللغة العربية في قناة يمولها المواطنون من جيوبهم،أملا منهم في أن تكون قريبة منهم،معبرة عن نبضهم،متجاوبة مع طموحاتهم، غير أنها اختارت السير في الاتجاه المعاكس.

وهذه ليست أول مرة،يلجأ فيها الوزير المذكور إلى استعمال اللغة الفرنسية،في التخاطب مع المشاهدين،عوض اللغة العربية.

ولعله من باب إنعاش الذاكرة، الإشارة إلى ذلك الموقف الذي أثار اندهاش  قناة “فرنسا24″،حين طلبت منه مندوبتها الإدلاء بتصريح باللغة العربية،فاعتذر عن ذلك،بدعوى أنه لايجيدها، ومازال ذلك التصريح يرن في الأذان حتى الآن، نظرا لغرابته:« je ne connais pas l’arabe ».

هكذا كان رد فعله،لتكبر علامات الاستفهام في عيني مندوبة قناة “فرنسا24” في نسختها بالعربية:كيف؟ ولماذا؟وما السبب الذي يجعل مسؤولا حكوميا عن قطاع التعليم،يطاوعه لسانه في النطق باللغة الفرنسية،بسهولة ويسر،كأنه واحد من أبناء فرنسا،بينما يخونه التعبير بلغة أبائه وأجداده المغاربة،الناطقين بلغة الضاد؟

يومئذ انبرى الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية للتنديد بتصرف الوزير، بل ذهب به الأمر إلى حد المطالبة بإقالته،معتبرا جهله  إهانة  للنصوص القانونية والرسمية المؤكدة لرسمية اللغة العربية.

البارحة،تكرر نفس الحدث:رشيد بلمختار،الوزير في حكومة بنكيران المنتهية ولايتها،يصر من جديد على التواصل مع المشاهدين باللغة الفرنسية في تحد صارخ لكل مشاعر المواطنين.

قد يكون من حقه كشخص أن يتحدث في محيطه الخاص باللغة التي يرتاح لها،لكنه كمسؤول يتعين عليه أن يرقى إلى مستوى المسؤولية المنوطة به،حين يمارس الشأن العام،وذلك من خلال انضباطه  لقواعدها.

لاأحد منا يريد أن يعيش في جزيرة معزولة عن العالم،أو يدعو الى الانغلاق بل إلى الانفتاح على كل اللغات الأجنبية، بما فيها الانجليزية والإسبانية والألمانية وغيرها،وليس الفرنسية وحدها فقط،لكن احترام الدستور من طرف المسؤولين،أثناء مخاطبة المواطنين، يبقى أمرا حاسما، يحدد مدى التزامهم بمقتضياته،وفي طليعتها اللغة كمكون من مكونات الهوية الوطنية.