سؤال الهوية .. بين تعددية الثقافة وواحدية السياسة

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان3 أغسطس 2015آخر تحديث : منذ 9 سنوات
سؤال الهوية .. بين تعددية الثقافة وواحدية السياسة
سؤال الهوية .. بين تعددية الثقافة وواحدية السياسة

إذا ما أريد للهوية أن تكون منتجة، فيجب التعامل معها من حيث كونها صيرورة ذات أبعاد متغيرة، وليست كينونة ذات ماهية ثابتة مغلقة… لأنها ذات بعد مركب ومتعدد، وليست ذات أحادي ثابت… لأن البعد الواحد، يقتل الهوية وينزع عنها أهم ما تحتاج إليه للتطور والبقاء، وهو انفتاحها وقابليتها للتجدد والابتكار والتواصل الحي المنتج مع الآخر.
وعندما يكون الآخر (المرتبط أيضاً بهوية وتقاليد وأفكار وثقافة وأنماط سلوكية ذاتية) مكوناً أساسياً في الهوية الخاصة بالفرد والمجتمع والأمة، فعن أي ثوابت "هوياتية" خاصة بالذات الحضارية نتحدث؟!.. خصوصاً أن تشكّل ومن ثم تطور هذه الهوية، لم يأت إلا عبر حدوث تمازج وتفاعل حتمي مع هذا الآخر، المماثل جزئياً أو المختلف كلياً، خصوصا أنها تضم بين أجنحتها كثيراً من معارف وعادات وطقوس وتقاليد هذا الآخر.. لاحظوا معي مثلاً أتباع وجمهور كثير من فرق وملل وقوميات ومذاهب وعقائد ممن ينتمون إلى الدائرة الحضارية الإسلامية، يوجد فيما بين تلك الفرق والملل والمذاهب، كثير من عناصر التشابه الروحي والفكري إلى حد التطابق أحياناً في ممارستها بعض خصوصياتها الهوياتية كجماعة قومية أو دينية.. فعيد النيروز مثلاً الذي هو هوية طقوسية اجتماعية لدى الأكراد (على اختلاف انتماءاتهم العقدية الإسلامية)، هو ذاته قائم كهوية جماعية وطقوسية اجتماعية لدى أبناء القومية الفارسية (الذين هم في غالبيتهم ينتمون إلى المذهب الإسلامي الشيعي)، وهو الطقس ذاته موجود أيضاً لدى فرق دينية إسلامية أخرى، تحتفي به بأشكال وعادات وتقاليد أخرى متنوعة، وبخصوصيات دينية تتمظهر بصور متباينة في الشكل بين هذه الفرقة أو تلك. طبعاً، الثوابت والمقدسات موجودة وكائنة لدى الجميع، وتشكل جوهراً وروحاً عميقة لدى كل الهويات، بالتالي لا يمكن إلغاؤها، وهي كهوية أو كجزء من الهوية المجتمعية، ليست مشكلة بذاتها، المشكلة هي في تصيُّرِها كينونة متصرّمة قارّة مغلقة، وكتلة صماء متراصة بمعايير صلبة مصمتة تتغذى من جوهر معرفي عقائدي لا إنساني مفارق منقطع غير متصل، بما يحولها إلى عقبة كأداء أمام أي نزعة تطوير أو رغبة للتجديد والتحول الواعي الحضاري الإنساني.

المزيد:تركيا تحذر من هجوم المسلحين الأكراد على أنقرة

لمواصلة القراءة ، انقر هنا

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق