كيري ومقايضات اللحظة الأخيرة

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان5 أبريل 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
كيري ومقايضات اللحظة الأخيرة
كيري ومقايضات اللحظة الأخيرة
dacd8a0c118889e979828e974f4a232b - مشاهد 24

أن توقِّع رام الله على خمسة عشر وثيقة خاصة بمنظمات الأمم المتحدة وتسلم طلبات انضمامها اليها أمر جيد، بل هو أمر كان مستوجباً وقد تأخر كثيراً، إذ كان من المفترض أن يكون عقب قبول فلسطين عضوا مراقباً في الهيئة الدولية مباشرة. أما وقد فعلتها أخيراً وفي مثل هذه الأيام بالذات، فيستحسن من البعض عدم المبالغة فيما سوف يترتب عليها، وبالتالي الهروع إلى المستطاب من مستحب الأوهام، أو الوقوع وإيقاع الآخرين معهم في مطب اسقاط الرغبات. مثل هذه المبالغة قد تحدث كردة فعل ازاء كل هذه الضوضاء المفتعلة المرافقة لهذه الزوبعة المتعلقة بآخر اشجان مقايضات اللحظة الأخيرة الجارية في حومة محاولات اخراج التوافق حول تمديد المفاوضات بين الصهاينة والأوسلويين الفلسطينيين. أو هذا البديل الأخير لاتفاق اطار كيري العتيد الذي بات الآن من الماضي. جاء كيري إلى المنطقة وغادرها وسيعود اليها وسط مؤشرات تنبىء باحتمالات اقتراب موعد إعلان توافق شارك في تسريبه ثلاثي اطراف مقايضات اسرى مقابل مفاوضات وعدم التوجه إلى الأمم المتحدة، لكن التعنت الصهيوني المدروس والمزدهر والمتصاعد، والذي في غالبه بالتنسيق مع الحليف الأميركي، عاجل منتظري اعلان الحدث بضربة تحت الحزام هى قرار انشاء 700 وحدة تهويدية في مستعمرة جيلو قاطعةً الطريق على التمديد المنشود، مع اضافة أخرى هى التنصل من تنفيذ اطلاق سراح الدفعة الرابعة من اسرى ما قبل أوسلو المتفق عليها والمفترض أن تتم آخر الشهر الذي ودعناه، بحيث لم تجد رام الله المكرهة بداً من اتخاذ الخطوة المتخذة كرد فعل مقابل لامفر منها فكان التواقيع وطلبات الانضمام المشار اليها، والذي حدا بكيري إلى الغاء زيارته المقررة الى رام الله، ومن هنا كان مثار الزوبعة ومدعاة استدعاء الأوهام واسقاط الرغائب لدى بعض الفلسطينيين والعرب.
كل ماكان حتى الآن من ضجيج وما تترتب عليه من أوهام لاينفي اقتراب منتظر لموعد التوافق على تمديد المفاوضات وإن شوَّشت عليه الزوبعة قليلاً. ذلك كان لحقيقة لاتحتاج لبرهان ولاتنفها الأطراف المنغمسة في البازار التصفوي، وإنما تؤكدها وتصر عليها وهى التفاوض والذي لامن بديل عنه لدى ثلاثتها. وكان رئيس سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود واضحاً أيما وضوح عندما أكَّد على أن طلبات الانضمام لاتفاقيات الأمم المتحدة المشار إليها لاتعني بحال من الآحوال التخلي عن خيار المفاوضات ولا عن هدف تمديدها، وكان أكثر وضوحاً في توضيحه لاتخاذه خطوة الانضمام هذه عندما قال: “نحن لانرغب في الصدام مع الإدارة الأميركية، لكن لم يبق أمامنا مفر. لقد بذل كيري جهوداً جبارة والتقينا 39 مرة منذ بدء المفاوضات، ونحن لانعمل ضد أحد ولكن لم يبق لنا خيار آخر”… ولأنهم لايرغبون في الصدام مع الأمريكان ومع “المانحين”، ويأخذون جهود كيري “الجبارة” بعين الاعتبار، والأهم الأهم أنه ما من بديل لديهم للمفاوضات، فهم لم يقتربوا، مثلاً، من مسألة الانضمام لأهم إثنتين من المؤسسات الدولية بالنسبة للقضية وهما محكمتي العدل والجنايات الدوليتين!!!
إذن، كل مافي الأمر هو أننا حتى الآن ازاء مجرد خطوات تكتيكية تتطلبها ما كنا قد وصفناه بضغوط اللحظة الأخيرة لتحسين شروط تمديد المفاوضات كمطلب ثلاثي، أو بالأحرى تسهيل عملية ابتلاعه ومحاولة تبليعه من قبل كلٍ من طرفي المعادلة صهاينة وأوسلويين لداخله الذي يعافه ولايهضمه. أي بلغة أخرى الأخذ في الاعتبار امكانية التراجع عن هذه الخطوات، أو عدم تنفيذها، من قبل كلٍ من الطرفين، إذا ما توفرت أخيراً شروط عقد صفقة المقايضة الكيروية المشار اليها، والتي لم يكن عبثاً أن يتم تسريبها عبر صحيفة “هآرتس”، وهى على الوجه التالي:
أولا، الافراج عن الجاسوس بولارد، وهو مطلب صهيوني قديم لطالما ووجه بالرفض الأميركي. ويليه، تجميد جزئي أو “هادىء” للتهويد، أي يمكن العودة عنه، بل عملياً استمراره لكن دونما اعلان وتحت ذرائع مختلفة، كما أنه أيضاً الأمر الذي لايشمل القدس. والإفراج عن الدفعة الرابعة من اسرى ما قبل أوسلو، وعن 400 اسير اضافي ممن يصفهم الصهاينة بمن “ايديهم غير ملطخة بدماء الإسرائيليين”، أي من جلهم من النساء والقصَّر والمرضى ومن شارفت مدد محكومياتهم على الإنتهاء، كما وتنفرد سلطات الإحتلال وحدها باختيارها لمن ستفرج عنه منهم. دون أن ننسى الإشارة إلى أنه يمكنها عادةً إعادة اعتقالهم واعتقال اضعافهم وقتما شاءت. والنظر في طلبات جمع شمل خمسة الآف عائلة في الضفة وغزة يرفض المحتلون الموافقة عليها منذ سنين. وتسهيل تنقُّل الفلسطينيين على المعابر مع الأردن… وهذا مقابل اثنتين: تمديد المفاوضات الى نهاية هذا العام، وهى التي موعد نهايتها، كما هو معروف، نهاية شهرنا هذا، وعدم التوجه للأمم المتحدة…
تمديد المفاوضات، بل المفاوضات اساساً، مصلحة صهيونية خالصة وبالتالي باتت الآن هدفاً أميركياً ملحاً، ولهذا يجهد كيري نفسه وسيبذل مايستطيعه لتحقيق التمديد المنشود بعد أن عز  عليه فرض اتفاق اطاره المتعثر…وماهو مصلحة صهيونية وهدفاً أميركياً فهو قطعاً وبالضرورة كارثة فلسطينية.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق