الرئيس..وخطر الإرهاب القادم من ليبيا

من الآن فصاعدا لا يحسبن المصريون أن الانتصار، ولو بعد حين فى القضاء على خطر عصابات الإرهاب، وفرق الموت الجوال فى سيناء، وبعض مدن القناة ومحافظات الوادى بفعل ضربات القوات المسلحة، وفرق الأمن المتخصصة فى مكافحة الإرهاب هو نهاية المطاف، وأن المهمة قد انجزت بالكامل وقضى الامر.
بل على العكس لايزال امامنا مهمات وأشواط أكثر إيلاما، وإن ما يتم فى الداخل هو جزءا من خطر، وغول إرهاب أوسع وأكبر مازال يتربص بنا، ويسكن بجوار حدودنا فى مناطق عدة، ولكن أخطرها وأكثرها منازلة كبرى مع فصائل وفرق الإرهابيين ستكون على حدودنا الغربية مع ليبيا، حيث إن علينا أن نعد العدة ونجهز العتاد لتلك المعركة المقبلة التى لا غنى عنها، ولا تقل ضراوة وشراسة إن لم تكن أفدح مع معركة الإرهاب على حدودنا الشرقية وداخل سيناء حاليا.
مع الأخذ فى الاعتبار أن ليبيا اليوم باتت بلدا مفتوحا على المجهول وذاهبة على طريق الصوملة والعرقنة نسبة إلى العراق بامتياز إن لم تكن شبيهة بسيناريو الحرب والمآسى فى سوريا حاليا، وما أدرى ما سوريا، وما يحدث فيها، خاصة بعد أن استبدل للأسف الشعب الليبى بتواطؤ من الناتو ودول فى الإقليم مثل قطر وتركيا النظام الديكتاتورى للقذافى بديكتاتورية الغوغاء، وتجار الدين وقاطعى الرءوس لتصبح ليبيا بحق دولة مأزومة ستشتعل فيها حرائق الإرهاب، ومسلسل الدم والنار والتفجيرات والتقسيم والتجزئة لسنوات قد تتجاوز عشرات الأعوام، إذا تركت وحالها، كما يفعل العرب والأمم المتحدة والغرب وعندئذ ستتحول إلى منصات متحركة للارهاب ضد مصر، وبقية دول الجوار، خاصة تونس والجزائر. ولذا يجب علينا نحن فى مصر ألا نظل مكتوفى الأيدى نلعق الحسرة ونقبض على الجمر المشتعل عبر عمليات مراقبة تقليدية لحدودنا مع ليبيا فقط، ونسهم مع مجموعة دول الجوار الليبى فى تعزيز المسار السياسى وتأييد مجلس النواب الليبى برئاسة عقيلة صالح وحكومة عبد الله الثنى، وتشجيع قوات الجيش الوطنى وعمليات حفتر عن بعد فقط.
فالأزمة فى ليبيا، وما تمثله من خطر داهم على مصر باتت أبعد من تصورات صانع القرار والقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومى، حيث يجب عليهم الأخذ فى الاعتبار أن هذا البلد الصغير المسمى ليبيا الذى يقطنه نحو 5 ملايين نسمة هرب نصفهم فارا إلى مصر ودول الجوار تزخر حاليا حسب احصائيات الناتو واستخبارات أمريكا وفرنسا والغرب بنحو نصف مليون إرهابى وافد ومستوطن فيها حاليا وأتى إليها من تونس، حيث فرق انصار الشريعة ومجلس شورى المجاهدين والجزائر، حيث تنظيم القاعدة فى شمال المغرب العربى وجماعة الموقعون بالنار لمختار بلمختار قائد الإرهاب فى جنوب الجزائر الذى وفد وجماعته إلى ليبيا منذ عام، وكذلك انصار الإخوان المسلمين من الإرهابيين الذين فروا واقاموا إمارة إسلامية كاملة فى درنة تضم حسب احصائيات الناتو أكثر من خمسة آلاف إرهابى مصرى وعربى فضلا عن خلايا تنظيمات القاعدة واخواتها وداعش التى حصلت فى الاشهر الماضية على موطئ قدم فى ليبيا، حيث تقيم حاليا معسكرات القتل والدم ليس فى ليبيا فقط بل إلى حدود مصر وبقية دول المغرب العربى، حيث تعد اعداد التنظيمات الإرهابية فى ليبيا نحو 180 تنظيما إرهابيا مع ملاحظة أصل وجود التنظيمات الإرهابية الليبية التى تمثل العمود الفقرى لكل خلايا الإرهاب الوافدة، وفى مقدمتها إرهاب فجر ليبيا والصواعق والقعقاع وغيرها.
أى باختصار تجرى التجهيزات حاليا فى ليبيا على قدم وساق لتحويلها إلى أكبر مراكز وقواعد الإرهاب لتكون بديلا لتنظيمات الارهاب فى سوريا والعراق عندما تضرب وتنتهى ليحضر من يتم نجاتهم هناك إلى ليبيا، وحدودنا.
لاحظ أنه عندما تكتمل منظومة هذه القواعد الإرهابية فى ليبيا حجم الخطر الحقيقى وكرات النار المشتعلة، وفرق الموت الجوال على مصر، وبالتالى بات المأمول من الرئيس والحكومة وأجهزة القوات المسلحة أن تعد العدة، وتبحث فى خيارات وسيناريوهات التصدى لتلك المجاميع الإرهابية والقضاء سريعا على فقهاء الدم والكراهية فى ليبيا عبر التدخل السريع أنا لا أقول التدخل العسكرى الكامل واحتلال ليبيا أو تكرار السيناريو السورى فى لبنان بعد الحرب الاهلية فى عام 75 وحتى الانسحاب والخروج لبشار الأسد بعد مقتل رفيق الحريرى عام 2004 ولكن عبر خطط وتجهيزات أخرى لا تؤدى إلى التورط المصرى فى ليبيا هذا البلد الذى تحول فعلا إلى أسير ورهينة فى أيدى الإرهابيين، وليكن هذا التدخل عبر صيغة قوات عربية بقرار من الجامعة العربية لتوجيه ضربات استباقية ووقائية لنسف وتدمير تلك الفرق، وإنهاء اسطورة قواعد الارهاب هناك مع الاخذ فى الاعتبار أن قوات الجيش الليبى وقوات حفتر لن تستطيع وحدها هزيمة الإرهاب والارهابيين هناك. وباعتبار مصر باتت مرجعية إقليمية كبرى للمنطقة وكتلة كبيرة تطل على البحر المتوسط، لابد أن تسارع الآن قبل الغد فى أن تتعاطى مع هذا الملف المسكوت عنه هنا فى مصر وعلينا أن نذهب إليهم بدلا من يأتوا إلينا ليضربوا الإسكندرية ومطروح أو دك العاصمة القاهرة، فالوقت يداهمنا، ولابد للرئيس والمؤسسة العسكرية أن توسع دائرة الحركة والتدخل لمنع ولادة دولة ارهابية كبرى على حدودنا الغربية، فمعظم النار من مستصغر الشرر.

*كاتب صحفي/”الاهرام”

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *