الرئيسية / وجهات نظر / الجزائر: من فضيحة رئيس الى فضيحة عميل
الصحراء المغربية

الجزائر: من فضيحة رئيس الى فضيحة عميل

يبدو من سلوك الجزائر الاعلامي بعد الإعلان عن وفاة وكيلها الاول على رأس قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية، انها تبحث لها عن حدث ما تشغل به الرأي العام الجزائري الذي يعيش لحظة ترقب مستديمة لمعرفة الى اين وصل اليه الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة واستشراف مستقبل الجزائر لما بعد رئيس يعرف الجميع انه لا يحكم منذ أمد طويل وانما يتم الحكم باسمه.

وقد اتخذ وضع الرئيس الصحي الحقيقي منحى فضائحيا صريحا عندما نشر رئيس الحكومة الفرنسية إيمانويل فالس صورة غير مسبوقة لرئيس على درجة من الشحوب والذهول عما يجري حواليه. ذلك ان القيادة الجزائرية لم تخف امتعاضها من نشر تلك الصورة، رغم كونها حقيقية، متهمة فرنسا بكل الاتهامات بما في ذلك الخيالية منها دون ان تجرؤ على اتهام رئيس الحكومة الفرنسية بأي تدخل في الصورة التي تم نشرها. مما يعني ان القيادة الجزائرية قد غضبت على نشر صورة اللقاء الحقيقية، كما لو انها كانت تتوقع من القيادة الفرنسية التواطؤ معها وعدم نشرها وتحويل إيمانويل فالس الى شاهد زور في هذه النازلة.

ولم تنته بعد موجات هذه الفضيحة في الاتساع، حتى جاء موت محمد عبد العزيز لتنقض عليه الماكينة الإعلامية الجزائرية لتصنع منه حدثا سياسيا وتاريخيا وإعلاميا وهو ليس بحدث سياسي ولا تاريخي ولا إعلامي، وانما هو من احداث الطبيعة العادية التي لا تقبل كل تلك الضجة والهالة الإعلامية التي يوحي بها اعلان الجزائر الحداد لمدة ثمانية ايام، وهي تعرف انها بذلك لا تقوم الا بمحاولة النأي عن فضائح الوضع الصحي للرئيس الجزائري ومضاعفاته السياسية في مختلف المجالات.

لكن من سوء حظ القيادة الجزائرية انها قد حاولت الهروب من فضيحة قد يجد لها الانسان ما يبررها سياسيا وأمنيا جزائريا داخليا، الى فضيحة أدهى وأمر عندما اعتقدت ان وفاة محمد عبد العزيز هو ملاذها وحالها تجسيد للمثل العربي القائل: كالمستجير من الرمضاء بالنار.

انه لأمر مفهوم تماماً ان يكون هناك من يرى ان الوفاء للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وإنجازاته بالنسبة لبلاده يستحق التضحية بكل شيء بما في ذلك منطق الدولة في التعامل معه في مختلف أحواله.

وانه لأمر واضح كامل الوضوح ان يتشبث البعض الآخر بالرئيس وعدم القبول بأي دعوة من الدعوات التي تطالب بإعلان شغور منصب الرئاسة بسبب العجز، لأن هذا البعض هو المستفيد الأكبر من هذه الحالة، وكلما دامت كلما استطاع ان يحضر نفسه للبقاء في مراكز الهيمنة على القرار الاساسية لما بعد الرئيس بوتفليقة.

غير انه من العيب، كل العيب، على قيادة بلد ثورة المليون ونصف المليون شهيد ان ترفع الى مستوى الحدث وفاة عميل ساقط بكل المقاييس الوطنية والأخلاقية، وهي تعرف اكثر من غيرها، لطول المعاشرة، ان من يخلفه من العملاء جاهز لا ينتظر الا إشارة خضراء من قصر المرادية متى تم التسليم جدلا بكونه مركز الإشارات الخضراء والحمراء والصفراء، كما في السابق ليعلن ولاءه المطلق لأولياء نعمته وليتلو على مسامع العالم خطبة وداع العميل تكريسا لمنصبه كعميل الى حين.