فنزويلا تهدد مصالح اسبانيا دفاعا عن “بوديموس”

هددت حكومة، فنزويلا، اسبانيا بالانتقام من مصالحها الاقتصادية،ان لم تكف وسائل اعلامها عن الهجوم على حزب “پوديموس” الحديث النشأة والذي ترشحه استطلاعات الراي لمرتبة متقدمة في الاستحقاقات القادمة.
وتمت في الايام الاخيرة وبشكل مدروس، اماطة اللثام عن ارتباطات الحركة قبل تاسيسها، بنظام الديكتاتور الراحل، هوغو شافيس، الذي وفر العمل باجر جيد لبعض القياديين الحاليين في حزب “پودموس” تحت يافطة مستشارين يقدمون الخبرة والمشورة، لبعض حكومات اميركا اللاتينية.
وذكرت الصحف الصادرة، اليوم الاحد ان عددا من ممثلي الشركات الاسبانية الكبرى التي تستثمر في فنزويلا، منذ سنوات مثل العملاقة “ريپسول” المتخصصة في التنقيب وتكرير النفط، وشركة “تلفونيكا” العاملة في مجال الاتصالات، وغيرهما من الشركات الكبرى، تلقت تحذيرا رسميا.
واشارت وسائل الاعلام ان اجتماعا عقد بين ممثلي الشركات الاسبانية ومسؤولين كبار في حكومة الرئيس، نيكولاس مادورو، تمت الدعوة اليه على عجل، بفارق ساعة ونصف عن الدعوة وموعد الانعقاد ما بعني عمق الازمة، بين مدريد وكاراكاس.
ووجه ممثلو الحكومة الفنزويلية التي تواجه في الظروف الحالية مصاعب سياسية واقتصادية جمة وغليانا شعبيا نتيجة عدة اسباب بينها الهبوط الحاد في اسعار النفط، ما ضاعف الازمة المالية التي بدات والرئيس الفنزويلي، على قيد الحياة.
وحدد المسؤولون الغاضبون، اسماء رئيس الوزراء الاسباني، ماريانو راخوي، ووزير الخارجية مارغايو، وطلبوا منهما ممارسة ضغط على الصحافة في بلادهما لتكف عن الخوض في علاقة مفترضة بين “پوديموس” والنظام الحاكم في فنزويلا. وياتي هذا التهديد المنافي للاعراف الدبلوماسية، متجاهلا ان الصحافة حرة في اسپانيا، لا يحق للحكومة ان تتدخل فيها او تمارس رقابة عليها حتى ولو كان نقدها الصريح والمباشر موجها اليها، لدرجة ان العائلة المالكة، لا تسلم من الهجوم الشرس الذي شنه عليها الاعلام الاسپاني كلما تعلق الامر بفضيحة او على خلفية ملف ساخن. وعانى من ذلك الملك السابق خوان كارلوس، وابنته الاميرة كريستينا وزوجها؛ بل ان تلك الفضيحة (الفساد المالي ) تعد احد الاسباب التي حملت العاهل السابق،على التنازل عن العرش لفائدة نجله الملك الحالي، فيليپي السادس، بعد ان سجل القصر الملكي في،لاثرثويلا، تراجعا حادا في درجة تعاطف فئات عريضة من الشعب الاسباني مع الملكية ورمزها.
ولم يتضح ان كانت، پوديموس، هي التي ناشدت حكومة، كاراكاس، للتدخل لدى مدريد لتخفيف الضغط المكثف المسلط عليها، في وقت تستعد فيه اسبانيا لحملات انتخابية ضارية بين مكونات المشهد السياسي الذي اربك حساباته خروج، پوديموس، من تحت الارض، بقوة ورغبة معلنة في الاكتساح والوصول الى قصر،لا منكلوا (مقر رئاسة الحكومة) يتم بعد تحقيق الهدف، التقرير في مصير النظام الملكي، على اعتبار ان قادة، بوديموس، وفي مقدمتهم، پابلو ايغليسياس، الامين العام، لا يخفون نزعتهم الجمهورية.
وارتباطا بذات السياق، كشفت تقارير صحافية متطابقة، ان زعيم بوديموس، وجه منذ اشهر، رسالة الى العاهل الاسباني يطلب فيها استقباله على غرار ما يفعله مع زعماء الاحزاب الاخرى.
واعربت، پوديموس، عن قلقها وتساءلت عن الاسباب التي حالت دون تلقيها جوابا ايجابيا من القصر الملكي، ما جعل هذا الاخير يوضح ان الوضع الدستوري للملك، لا يجيز له استقبال فاعلين حزبيين في ظروف الاستعداد للانتخابات، حتى لا يستغل الاستقبال من طرفهم والايحاء بان الملك يساند قوة حزبية على حساب اخرى، فضلا عن كون الملك لا يستقبل الا الاحزاب الممثلة في البرلمان، حيث لا تترفر، پوديموس، على مقعد في المجلس الحالي بغرفتيه.
وبرأي معلقين، فان قيادة بوديموس، تتخوف من اشتداد نيران الحملة والعواصف الاعلامية عليها، ما يضاعف خشية الراي العام من تعريض البلاد على يديها لمستقبل غامض وفي ظرف دقيق وحرج، يعيد الى الاذهان شبح الحرب الاهلية الطاحنة عام 1936.
ولم تصغ حركة “پوديموس” حتى الان، برنامجا سياسيا شاملا، مدققا ومقنعا، لتدبير الشان العام، يؤهلها لنيل ثقة الناخبين، باستثناء تصريحات واراء مبعثرة، يدلي بها مسؤولون في التنظيم الفتي، تتفاوت بين التوجهات الشعبوية الصريحة والافكار الطوباوية الحالمة والغامضة.
ويبدو ان، بوديموس، باثارتها موضوع الاستقبال الملكي في الظرف الراهن، تسعى لهدفين: من جهة طمأنة الراي العام الاسباني ونفي تهمة انها لا تطعن في شرعية النظام الملكي رمز استقرار البلاد ووحدتها الترابية ؛ لكنها، وكهدف ثان، تريد توظيف صورة الاستقبال ان جرى، في الحملات الانتخابية المقبلة التي تشير الدلائل الى انها ستكون محتدمة ومتأججة، ستوجه النصال فيها، لا محالة، نحو صدور زعماء، پوديموس، ومرشحيها، خاصة وان خصومهم السياسيين، يعكفون على التنقيب في سجلات سيرتهم وماضيهم وارتباطاتهم. الى ذلك، يرتقب ان تسارع الحركة الى الاعلان عن موقفها الصريح من تهديدات حكومة فنزويلا، بتأميم الشركات الاسبانية. وسواء سكتت عنها او تجاهلتها فانها ستواجه احراجا سياسيا بالغا؛ اما اذا ايدت تلك التهديدات، بشكل او بآخر وشجعت على الاضرار بمصالح البلاد، فانها ستكون قد شرعت في حفر قبرها بنفسها. ولن ينفعها انها تحارب الرأسمالية المستغلة لعرق الكادحين في “فنزويلا”.

اقرأ أيضا

غزة

غزة.. قصف مكثف على مناطق بالقطاع والأونروا تدق ناقوس الخطر بالضفة

في اليوم الـ199 من العدوان على قطاع غزة، لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المدنيين بالقصف، وذلك بعد ارتكابها أمس 5 مجازر جديدة، مخلّفة عشرات الشهداء والجرحى.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *