يبدو أن موعد رئاسيات 2019 في الجزائر وما يحوم حولها من غموض وترقب، قسم ليس فقط الأحزاب المعارضة الجزائرية، بل حتى الأحزاب الموالية للنظام، حيث ظهرت داخلها العديد من الخلافات والتعقيدات والانقسامات التي جعلت حرارة الموسم الانتخابي الذي يفصلها عنه حوالي 15 شهرا، تصل إلى الساحة السياسية الجزائرية مبكرا.
وتبقى حقيقة ترشح بوتفليقة من عدمه غامضة بشكل يثير القلق من حدوث انقسامات داخل الحزب الحاكم والأحزاب الموالية للنظام، وهو ما بدأت بوادره تظهر خلال الأيام القليلة الماضية، فقبل أسبوعين قرر المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني “الأفلان”، إحالة نائبه في المجلس الشعبي الوطني، الغرفة الأولى للبرلمان، بهاء الدين طليبة، إلى لجنة تأديب ومحاسبة، بعد إعلانه إطلاق تنسيقية لدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، في خطوة غامضة أثارت الجدل الكبير في الجزائر.
وكان طليبة أعلن مطلع فبراير الجاري، أنه بصدد إنشاء تنسيقية وطنية لدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، تتضمن أسماء مسؤولين سابقين من رؤساء حكومات ووزراء، من بينهم رئيسي الحكومة الأسبقين، عبد المالك سلال، وعبد العزيز بلخادم، بالإضافة إلى وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، السعيد بوحجة.
وأعلن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، “تحويل طليبة لمجلس تأديب، وفتح تحقيق لكشف من يقف وراءه”، مضيفا أن أطرفا لها نوايا خفية تحاول زعزعة وحدة الحزب وخلط الأوراق كما فعلت في 2004.
وأثارت هذه الواقعة العديد من علامات الاستفهام لدى النشطاء والمراقبين الجزائريين، حول ما يجري في الحزب الحاكم، والخطأ الذي ارتكبه طليبة عندما بادر بدعم الرئيس لترشحه لعهده رئاسية جديدة، متسائلين “هل أصبح داعمو الرئيس مذنبون أمام الحزب الحاكم؟ أم إنه انقلاب ناعم من داخل الحزب على بوتفليقة؟”.
وزاد الغموض لدى السياسيين الجزائريين، بعد أن هدد ولد عباس كل من يتحدث عن عهدة خامسة للرئيس بوتفليقة بإحالته إلى لجنة التأديب وطرده خارج هيكل الحزب، بعدنا كان لا يترك مناسبة أو حديثا دون التأكيد على “الرئيس بوتفليقة بصحة جيدة وهو من يدير دفة الحكم، وسيكون مرشح الحزب لانتخابات 2019″.
ويرى المراقبون أن ما يحدث داخل “جبهة التحرير الوطني”، سباق من يقدم آيات الولاء أولا، حيث تكهنت مصادر جزائرية بأن يكون هناك خلاف حدث بين الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، والنائب البرلماني، بهاء الدين طليبة، وهو خلاف استراتيجي حول من يقدم خدمات أكثر للرئيس ومحيطه.
وتنبأ المراقبون باقتراب إطاحة جمال ولد عباس من على رأس الحزب الحاكم، لأنه دخل في صراع مع أصحاب المال، في إشارة إلى بهاء الدين طليبة، مذكرين بما حدث للوزير الأول السابق، عبد المجيد تبون، الذي أقيل بعدما عارض تدخل رجال المال في السياسة.