تطورات قضية عمال “أسنيم” التي هزت الرأي العام الموريتاني

خالد الغازي
المغرب الكبيرسلايد شو
خالد الغازي6 مارس 2015آخر تحديث : منذ 9 سنوات
تطورات قضية عمال “أسنيم” التي هزت الرأي العام الموريتاني

تحولت قضية عمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “اسنيم” المضربين في مدينة ازويرات شمال موريتانيا، إلى قضية رأي عام وطني بعدما نجح الاضراب بنسبة تجاوز 85%، وسط تضامن كبير من الأهالي، وتنظيم محكم ودقيق لفعاليات الاحتجاجات، دفع الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني تدخل على الخط للتضامن مع العمال المطالبين بالحقوق الاجتماعية والمهنية.

بداية القضية

بدأت قضية عمال مصنع “أسنيم” منذ العام الماضي 2014، احيث قام العمال بإضراب شامل شل مصالح ونشاط المصنع الاول في استخراج وتصدير الحديد في موريتانيا، وتواصل الاضراب في بداية السنة الجديدة 2015، ليستمر حتى اليوم في ظل الحديث عن حوار وتفاوض بين أطراف الأزمة، ودخول الحكومة على الخط لانقاذ إدارة شركة “أسنيم” الموجودة في قفص الاتهام.
وجاء خروج العمال الى العصيان المهني والمدني، بسبب تماطل إدارة الشركة، بعدما شكل اتفاق 3 ماي 2014، خطوة لطي الملف والوصل الى حلول، لتشرع نقابة العمال في التحضير الفعلي لاتفاق ماي، لتطبيق محاور الاتفاق خلال أكتوبر 2014، لكن بعد رفض وهروب الادارة العامة للمصنع الى الأمام، ومحاولة التملص من الاتفاق الذي ينص على منح العمال زيادة في الأجور وتحسين وضعيتهم مع الشركة. حاولت هذه الاخيرة مطالبة العمال بمهلة الى حلول مطلع السنة الجديدة 2015، للشروع في تطبيق محتويات الاتفاق النهائي، لكن كانت للعمال مخاوف من عدم الوفاء بالاتفاق، وعدم إلتزام الادارة بالملف المطلبي، خصوصا بعدما رفضت الادارة مشاركة مناديب العمال في تدبير الملف وتسوية الأوضاع، من أجل صيانة حقوق العمال وضمان تطبيق الاتفاق المبرم بين الطرفين.

ويقول أحمد ولد أبيلي في تصريح لصحيفة موريتانية، بأن ممثلو العمال عقدو اجتماعا مع المدير العام للشركة في دجنبر الماضي، حيث طالبو خلاله بتطبيق بنوذ الاتفاقية الموقعة في ماي، والتي تنص على زياردة الأجور، لكن دون جدوى كانت للشركة رؤية أخرى بهدف التملص من الاتفاق السابق.
ويضيف النقابي ولد أبيلي النقابي عن الكونفدرالية العامة للعمال، بأن مناديب العمال قاموا بمراسلة ادارة الشركة لتذكيرها بضرورة تنفيذ الاتفاق، يوم 24 دجنبر 2014، مع اضافة مطالب جديدة من حقوق العمال متمثلة في صرف علاوات الانتاج، وتحفيزات مالية حول فترة الانتاج المرتفع، بالاضافة الى توفير السكن الاجتماعي والتغطية الصحية، وتحسين وضعية العمال المؤقتين، وتمكينهم من الحصول على القروض السنوية، لكن الادارة مازالت تتأخر في الرد رغم مرور 15 يوما.

إضراب 2015

وفي 14 يناير تقدم مناديب العمال المنتمين للكونفدرالية العامة، باشعار بالتوقف عم العمل لمدة أربع ساعات يوم 28 يناير2015 ، من أجل تحسيس الشركة بالمطالب، مبرزا بان إدارة الشركة لجأت الى التعسف واستعمال الاستفسارات والعقوبات ضد المناديب،، بحيث عاقبت ثلاثة عمال بالايقاف عن العمل لمدة 8 أيام بدجاية من يوم الاضراب 28 يناير.
كان اضراف 28 يناير، بداية تجاوب العمال مع مطالب المناديب، حيث بلغت نسبة المشاركة فيه 90 بالمائة، مما دفع بالشركة إلى مراسلة مفتشية الشغل بهدف طرد ثلاثة مناديب الداعيين للاضراب.

عقب هذا التحرك تحولت مدينة زويرات الى منبع للنضال، وموطن الحركة العمالية، حيث تم تنظيم مهرجان كبير في ساحة الاستقلال يوم 28 يناير، منح فيه العمال مهلة للشركة للاستجابة لمطالبهم المهنية والاجتماعية، والتراجع عن قارارت العقوبة في حق النقابيين، لكن الادراة لجأت الى لغة الترهيب والتخويف عبر ارسال 150 استفسار لمجموعة من العمال، سواء كانوا حاضرين أو غير مشاركين ومنهم من لهم عقود موسمية مؤقتة فقط.

عقب ذلك أعلن العمال في 30 سناسر الدخول في اضراب شامل، وبدؤوا في تنظيم مسيرات احتجاجية ووقفات ومهرجانات خطابية وسط مدينة الزويرات، مما جعل السلطات المحلية والأمنية تدخل على الخط خوفا من تطور اضراب العمال الى أمور خارج السيطرة، وتم الاتفاق مع والي المدينة بالتخلي عن الاعتصام في ساحة الاستقلال وتنظيم أنشطة صباحية ومسائية فقط للعمال وحق تنظيم مسيرات ووقفات في الساحة.
ولجأت شركة “أسنم” الى توظيف متدربين وعمال متقاعدينن من أجل استمرارية الانتاج، لكن العمال يرون بأن هذا سيعرض معدات المصنع والآلات للخطر في غياب الصيانة.

ويقدر المندوب العمالي أحمد ولد آبيلي أن نسبة الإضراب اليوم تبلغ 92% داخل العمال العاديين، دون احتساب الأطر وكبار المسؤولين الذي لا يشاركون في الإضراب، أما المندوب العمالي كنمى دمبا عبد الرحمن فيقدرها بأكثر من 80% من عموم العمال بما فيهم الأطر وكبار المسؤولين، وهي نسبة يوافقه فيها المندوب العمالي شيخنا ولد عالي، الذي يرى أن نسبة الإضراب من عموم العمال تقارب 80%، أما بالنسبة للعمال العاديين دون الأطر وكبار المسؤولين فستقارب 90% إن لم تتجاوزها.

ويقول مناديب العمال إن نسب الإضراب أكثر ارتفاعا في القطاعات الحيوية والتي تؤثر على عطاء الشركة بشكل أكثر، كقطاع الإنتاج، وقطاع الطاقة، وقطاع الصيانة، معتبرين أن إدارة الشركة تفضل مغالطة السلطات العمومية والرأي العام بالاستمرار في العمل رغم أن الوضع كان يقضي توقيف العمل وعدم تعريض المعدات الغالية للتعطل بشكل نهائي.

ويصر مناديب العمال على المضي في إضرابهم حتى تحقيق كل مطالبهم، معتبرين أن الوقت سيزيد من كلفة الشركة، لأنه قد يؤدي لزيادة مطالب العمال في ظل الخسارة اليومية للشركة بسبب الإضراب، مضيفين أنه “لا خيار اليوم أمام العمال سوى المواصلة في الإضراب والسير فيه حتى النهاية”.

تدخل المعارضة والحكومة

ودخلت أحزاب سياسية على الخط، حيث اعتبر حزب اللقاء الموريتاني المعارض أن مدير شركة “أسنيم” بدد مدخرات المصنع لصالح مشاريعه المرتجلة، وحولها الى مشاريع خصوصية، محملا المسؤولية للنظام بعدما أقدمت الشركة على التضحية بعمالها يكدون الليل والنهار من أجل تحصيل قوتهم. وطالب بالكف عن تهديد العمال المضربين، والعمل لانصافهم.
أما حزب تكتل القوى الديمقراطية، فقال إن الحكومة الموريتانية كان يجب أن تتصرف بحياد في قضية إضراب عمال شركة(اسنيم) وأن تتولى مصالحُ الشغل المخولة الفصل في هذا النزاع، كما ينص القانون، وتُكرّس التجربة الطويلة. ووأعلن الحزب تضامنه مع شركة سْنيم في مطالبهم التي وصفها بالمشروعة، مستنكرا هذا التعامل معهم ومع أسرهم، وهم الذين قال إنهم ضحوا بالغالي والنفيس، خلال عقود طويلة، حتى أصبحت الشركة صرحا صناعيا واقتصاديا.
من جهته انتقد حزب اتحاد قوى التقدم، زيارة وزير الطاقة ولامعادن الى مدينة نواذيبو، معتبرا الزيارة مجرد صب الزيت على النار، لانها كانت نهاية للأمل الذي علقه الكثيرون عليها، قبل أن تصدمهم نتائج اجتماع الوزير مع المناديب ، والذي دعاهم فيه لفك الاعتصام دون قيد أو شرط والعودة للعمل دون تلبية الحد الأدنى من مطالبهم أو منحهم الفرصة لشرح موقفهم على الأقل.

وانتقد الحزب تعاط السلطات الذي وصفه بـ”غير المسوؤل” مع هذه الأزمة وسلوكها “الابتزازي” ودفعها الأمور نحو التصعيد لأسباب غير مفهومة ، ولا تطمئن على جديتها في الحوار السياسي المرتقب.
وقال وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني إزيد بيه ولد محمد محمود إن الحكومة جادة في الحوار مع عمال شركة “اسنيم” المضربين في الزورات وانواذيبو، وإنها تدرس أكثر من خيار لحل الأزمة القائمة حاليا.

وقال الوزير في مؤتمر صحفي بعد اجتماع الحكومة مساء الخميس 5 – 3 – 2015 إن وضعية الشركة صعبة بفعل انهيار أسعار الحديد، ولكن الحكومة ارسلت أحد أعضائها هو وزير الطاقة، وقد عاد ولديه تصور عن الواقع، وعدة حلول ستكون موضوع بحث من طرف الحكومة، وستجد الحل الملائم للأزمة الحالية.
ويبقى إضراب عمال شركة “أسنيم” لإنتاج الحديد، في استمرار لشهره الثاني، وانضم اليهم عمال فرع الشركة في نواذيبو وهو ما شل تصدير الحديد الموريتاني بالكامل، وخلق أزمة اقتصادية للدولة وللشركة وللعمال وللأسر التي تعيش من هذا المجال.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق