الرئيسية / المغرب الكبير / سياسة إغلاق الحدود مع دول الجوار.. دليل عقم وإفلاس السلطة الجزائرية
الجزائر

سياسة إغلاق الحدود مع دول الجوار.. دليل عقم وإفلاس السلطة الجزائرية

لم تكن الحكومة الجزائرية بحاجة إلى احتجاجات المواطنين في كل المدن المحاذية للنيجر وموريتانيا من أجل التأكد من مدى الأذى البالغ الذي تلحقه بهؤلاء المواطنينن عندما تغلق في وجوههم باب التواصل المشروع مع جوارهم الطبيعي، وكذا باب التبادل التجاري المشروع الذي يشكل مصدر عيشهم الوحيد، كيف لا وهذه المدن والحواضر تبعد عن العاصمة مئات، وأحيانا آلاف الكيلومترات، وتفتقر لمعظم أسباب العيش الكريم بعد عقود متراكمة من الإهمال.

الاعتراف الأخير لرأس الحكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، بمدى ما يسببه إغلاق الحدود من ضرر للمدن الحدودية المحاذية للنيجر وموريتانيا، لم يكن مشفوعا بأية إجراءات عملية، يمكنه أن تجيب على انتظارات الساكنة، ولم يورد سوى وعود عامة بتعديل الأوضاع “في الوقت المناسب”.

وإذا علمنا أنه إضافة إلى حدود الجزائر مع النيجر وموريتانيا، فإن حدودها مع المغرب وليبيا ومالي مغلقة بدورها، فإن الأمر يتحول إلى “سياسة” معتمدة، ومنهج “عقيم” في معالجة الاسباب التي أدت برأيهم إلى إغلاق هذه الحدود، تدل إن دلت على “إفلاس” صاحب القرار الجزائري، وغياب أي تصور واضح لإدارة هذه القضية الحساسة التي تمس حياة المواطنين الحدوديين في الصميم.

ولعل إغلاق الحدود مع المغرب لهو خير دليل على هذا الإفلاس والتخبط، وغياب الرؤى والمعالجة الحصيفة للملفات. إن مفهوم الحدود أصلا، المقصود بالإغلاق أو الفتح يتعلق أساسا بالمعابر الحدودية، ونقاط الحدود الرسمية، أما ما عداها من حدود تمتد آلاف الكيلومترات، فهي مغلقة بالضرورة، ولا يسمح بمرور الأشخاص والسلع عبرها، إلا في سياق التهريب والتجارة غير المشروعة. وعليه، كيف يمكن للحكومة الجزائرية على مدى هذه العقود أن تستمر في تكرار أكذوبة أنها تلجأ إلى إغلاق الحدود، مع المغرب، والآن مع أربع دول مجاورة أخرى، أنه قد جاء “لمحاربة تهريب البشر والمخدرات والسلاح”، وكأن هذا النوع من الأنشطة الإجرامية يتم عبر المعابر الحدودية ونقط المرور المشروعة؟؟!!!

وكدليل على ما سبق، تدرك الحكومة الجزائرية، وأي مواطن بسيط، أن الحدود المفتوحة مع تونس، لم تقف يوما حاجزا أمام تهريب البضائع والبشر والسلاح، وتسلل العناصر الإجرامية النشطة عبر الصحراء الكبرى. كما أن إغلاقها مع ليبيا ومالي والنيجر، لن يؤدي إلى نفس الغرض.

لقد آن الآوان للحكومة الجزائرية أن تنظر بواقعية إلى مصالح مواطنيها أولا، ومصالح مواطني الجوار على الطرف الثاني من الحدود ثانيا، وتعيد النظر في مجمل سياستها وفلسفتها في هذا المجال. إن مهمة ضبط الحدود خارج معابرها المشروعة هي مصلحة مشتركة لأي بلدين متجاورين، وهي المهمة التي يحقق نجاحها تعاون القوات الأمنية على طرفي الحدود بين أي جارين، وهو ما يفترض تعاونا وتنسيقا بروح الأخوة على أعلى مستوى. أما معاقبة المواطنين بهذا الشكل الغريب والمؤسف فهو ما لن يجلب أمنا ولا يحفظ استقرارا.

ولتكن البداية مع المغرب، لا لأن الحدود المغلقة معه تقترب من ربع قرن، ولكن نظرا للكثافة السكانية المرتبطة حياتها بالتجارة المشروعة وتنقل المواطنين بشكل طبيعي على جانبي الحدود، ناهيك عن أن إغلاقها يمنع التواصل الحقيقي بين جميع أبناء المغرب الكبير، وليس فقط مواطني البلدين، وهو الأمر الذي يعتبر استمراره جريمة بحق تاريخ وجغرافيا المنطقة، وتنكر مؤلم لجميع الأواصر الإنسانية التي تجمع الشعبين الشقيقين.