الرئيسية / المغرب الكبير / مجلة “تايم” تكتب عن الأمل الضائع في تونس ما بعد الثورة (1)
مجلة "تايم"

مجلة “تايم” تكتب عن الأمل الضائع في تونس ما بعد الثورة (1)

بعد مرور سنة على تتويج تونس بجائزة نوبل السلام بفضل الدور الذي قادته أربع منظمات في تنظيم حوار وطني، تحدثت مجلة “تايم” الأمريكية عن أوضاع البلاد، حيث قالت إن تونس اليوم أبعد ما تكون عن السلام.

قرابين على مذبح الثورة
المجلة صدرت مقالها بتقديم حالة لمواطن تونسي في التاسعة والثلاثين من عمره، اسمه حسيني قلعية، أقدم بدوره بمسقط رأسه بولاية القصرين قبل خمس سنوات على إضرام النار بعد مدة قصيرة على قيام محمد البوعزيزي بشيء مماثل.

“الشيء الوحيد الذي هو أسوأ من الموت هي أن تكون حيا وأن ترغب في الموت”. على عكس البوعزيزي، لم يتوفى حسيني قلعية، بينما وجد نفسه بالمقابل أمام جسد مشوه، في حين “ما تزال البلاد نائمة على حد قوله”، حيث “لم يتغير شيء”.

إضرام النار في الذات، كما تقول مجلة “تايم” ، تحول إلى “طريقة عمل” (modus operandi) للشباب الغاضب الذي ليس له طموح سوى إظهار نزعة للتدمير الذاتي.

المجلة قالت إن حسيني لا يملك مرآة، وحين يخرج إلى الشارع يصرخ الأطفال الصغار بينما يبدأ المارة بالإشارة إليه. وحدها قلة قليلة أكثر جرأة، تقترب منه من أجل شكره على “إخراج بن علي من تونس” أو أخذ صورة معه.

بيد أن حسيني “لا يشعر بأي نوع من الفخر”، معتبرا أن بلاده من تربح شيئا من تضحية أمثاله بأنفسهم. “لقد كنت ساذجا في اعتقادي أنني أنا أو أي شخص آخر قادر على تغيير تاريخ من الظلم”، يضيف الشاب التونسي وهو يؤكد أنه لو كان بإمكانه العودة بالزمن إلى الوراء وتفادي القيام بما قام به لكان قد فعل ذلك.

مأساة حسين قليعة تعمقت بعد أن أقدم شقيقه الأصغر صابر، 33 عاما، على إضرام النار في نفسه بعدما فقد عمله في مستشفى محلي ليدخل معها حالة من الاكتئاب قبل أن يشعل النار في جسده تاركا أما مكلومة تتساءل، “أي نوع من الثورات هاته؟”.

قصة نجاح..ولكن
لطالما تم تقديم تونس، في أعقاب نجاح ثورتها، على أنها قصة نجاح لما سمي “الربيع العربي”، وكان من آثار ذلك تتويج الرباعي التونسي بجائزة نوبل للسلام. كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية، جون كيري، كان قد وصفها بأنها “مثال مضيء يرد على من يقولون بأن الديمقراطية غير قابلة للتحقق في هذا الجزء من العالم”.

بيد أن القليل من التونسيين، تؤكد مجلة “تايم” ، ممن شاركوا في احتجاجات 2011 يرون أن الأمور تغيرت حقا في البلاد، في مقابل ذلك فشلت الحكومة في القيام بالإصلاحات الاقتصادية التي كانت وراء اندلاع الثورة، في حين تستمر فيها مظاهر الفساد بالاستشراء.

الدكتورة لاريسا شومياك، مديرة معهد الدراسات المغاربية بتونس، أكدت أن “الحكومات المتعاقبة منذ الثورة واجهت صعوبات في جعل العدالة الاجتماعية على قائمة الأوليات رغم أنه كان مطلبا رئيسا للثورة”، مضيفا أن تونس ما تزال تشهد استمرارا لمظاهر سياسة بن علي التي كانت قائمة على “إقصاء الناس من الفرص الاقتصادية خاصة في المناطق الداخلية”.

فطوال 23 عاما من حكم بن علي، تركزت الاستثمارات في المناطق الساحلية، وهو ما جعل تباينا صارخا بين هذه المناطق والمناطق الداخلية، وصلت معها نسب الفقر والبطالة، حسب أرقام صندوق النقد الدولي، في الداخل إلى ثلاثة أضعاف المناطق الساحلية.

حسيني قلعية يؤكد أن الشباب يقصدونه ليسألوه ما يجب أن يفعلوه. “كل ما أقول لهم لهم، انظروا إلي ولا تفلوا مثلي..لا أستطيع أن أحثهم على الاحتفاظ بالأمل لأنني فقدته”.

النائب اليساري عن مدينة قفصة، عدنان حاجي، حذر من كون البلاد تتجه نحو ثورة جديدة إذا لم تتحسن الأوضاع، مضيفا، “ما يزال الشعب يعيش من دون كرامة. الاقتصاد أسوأ مما كان، ورجال النظام السابق ما يزالون في مكانه. الظلم ما يزال سائد..لن ينتظر الناس أكثر”.

الانتظار هو ما يسود في القصرين بعد الوعود التي قدمها الرئيس الباجي قايد السبسي بتشغيل 6 آلاف شاب إثر الاضطرابات التي اندلعت مع بداية 2016 عقب وفاة شاب تسلق عموديا كهربائيا لأنه تم حذف اسمه من قائمة توظيف.

الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين، رئيس هيئة الحقيقة والكرامة، تؤكد أن البلاد وصلت السقف وأن التغيير ضروري، محذرة من أن “تونس بها العديد من الألغام التي، إذا لم نتخلص منها، سوف تنفجر”…

للمزيد: بالرغم من جائزة نوبل..الديمقراطية التونسية تحت تهديد الإرهاب