الرئيسية / ثقافة ومعرفة / تازة تختزن مظاهر الاستقرار البشري منذ العصر الحجري القديم
الاستقرار البشري بتازة

تازة تختزن مظاهر الاستقرار البشري منذ العصر الحجري القديم

تتميز منطقة تازة بموقعها على ممر يصل الشمال بالجنوب والشرق بالغرب، حيث تتنوع التضاريس لتشكل نقطة تحول بين ملوية شبه الجافة شرقا ووادي إيناون غربا والممتد نحو الحوض الأسفل لسايس، وبين منطقة الأطلس المتوسط الشرقي الجنوبي ومقدمة الريف الشمالي، هذا التنوع المقسم بقوة الطبيعة خلق نقطة التقاء بين أمازيغ اكزنايين الريفيين وأمازيغ آيت وراين وكذا القبائل الناطقة باللسان المغربي الدارج (البرانص، غياتة، تسول)، حسب منتصر لوكيلي باحث في التاريخ والآثار.
ويؤكد منتصر لوكيلي، أن تازة تحتفظ بأولى مظاهر الاستقرار البشري منذ العصر الحجري القديم متمثلة في مغاور كيفان بلغماري التي درسها الباحث الفرنسي كومباردو، وحيث أن مجموعاتها لم تعد متوفرة بالمغرب، فإن الواقع صار يتطلب إنجاز مزيد من البحث الأثري، وتدل أولى المؤشرات على معطيات الحضارة الموستيرية والحضارة العتيرية والحضارة الإيبيرومورية، كما أن مجمل هجرات إنسان ما قبل التاريخ كانت تمر عبر هذا ممر تازة.
وشيدت تازة من طرف بربر زناتة وعرفت باسم مكناسة تازة ثم رباط تازة، وسورها المرابطون وبنى الموحدون بها المسجد الكبير كما أولاها بنو مرين اهتماما وشيدوا بها مدرسة، واستمر الاهتمام مع بني وطاس والأشراف السعديين والعلويين، ومن بين المعالم الأثرية لتازة المسجد الأعظم والثريا الكبرى والمنبر والسور المحصن لمدينة تازة والبستيون.
ولأن سبق ونشر “مشاهد 24” معطيات حول المسجد الأعظم والسور المحصن والبستيون، لا بأس من عرض معلومات عن الثريا والمنبر.
وتعتبر الثريا الكبرى بتازة من أروع المنقولات البرونزية بالبحر الأبيض المتوسط، وقد أنجزت ووضعت بمكانها سنة 694 هـ/ 1294م، يتكون جسمها من هيئة مخروط قاعدته إلى أسفل ذي طبقات حيث تحيط بكل طبقة جسم دائري يحمل القناديل التي يسرج بها الزيت، ويحمل المستوى الخارجي تتويجا ذا شرفات مسننة. وتتوج الثريا قبة ذات فصوص مع حشوات نباتية الزخرفة وقد ربطت القاعدة بالمخروط بواسطة صينية دائرية تحملها الكوابيل الزهرية، وتحمل كتابات مزخرفة لأبيات شعرية، حسب توصيف منتصر لوكيلي، باحث في التاريخ والآثار.
كما يعتبر هذا المنبر من أهم الوثائق الأثرية المرينية حيث يؤرخ بالقرن السابع الهجري شأنه في ذلك شأن منبر مسجد فاس الجديد، علوه من أعلى إلى أسفل 3.27 م وعمقه من الظهر إلى فتحة المدخل 2.09 م بينما عرضه 80 سم ، ويشتمل على ثمان درجات، وتشبه التضفيرات الموجودة بجوانبه تلك الموجودة في منبر مسجد فاس الجديد، كما أن النقش الكتابي الموجود به شبيه بالخط الفاسي، يورد منتصر لوكيلي.