الرئيسية / ثقافة ومعرفة / شالة.. منطقة أثرية محمية بأبراج وباب رئيسي
شالة.. منطقة أثرية محمية بأبراج وباب رئيسي

شالة.. منطقة أثرية محمية بأبراج وباب رئيسي

يظهر موقع “شالة” كمزيج بين معالم أثرية مختلفة الحقب، يمكن التفريق بينها لخاصية كل واحدة منها، وفي هذا التنوع جمالية الموقع وقيمته الأثرية، وعندما يدخل الزائر من الباب الرئيسي متجاوزا إياه عبر منعرجات، يدرك أنه بمرتفع يتيح له مشاهدة الموقع بشكل بانورامي، وهنا ينعم الزائر بمنظر طبيعي فريد، أشجار وارفة الظلال، وهدوء وارد في الفضاء، ومعالم قائمة الذات، ولتتضح تركيبة بناء هذه الشواهد الأثرية، فإن السلالم الحجرية تساعد الزائر على
الوصول إلى المنخفض حيث المعالم ثابتة مرصودة لكل محب للتاريخ والآثار.
ووفقا للتوضيحات التي استعرضها عبد القادر شرقي، محافظ موقعي شالة والأوداية، فإن موقع شالة يتضمن أيضا “الحمام المريني”، الذي بني مابين سنة 739 – 759/1339 – 1358 والذي يعد أحد أروع حمامات القرن الرابع عشر الميلادي بالمغرب، تنقسم مساحته إلى أربع قاعات : قاعة لخلع الملابس وقاعة ثانية باردة وقاعة ثالثة دافئة ثم قاعة رابعة ساخنة، تحتوي على كوة “كانت بها نافورة أو حوض للماء الساخن”.
كما هناك “حوض النون” الذي هو في الأصل قاعة للوضوء، بعد أن تجمعت بها مياه عين شالة، وقد نسجت الذاكرة الشعبية حول هذا الحوض ومخلوقاته مجموعة من الخرافات والمعتقدات وجعلت منه مزارا يرتاده أغلب زوار شالة للوقوف حول الحوض وكائناته الحارسة لمدافن ملوك وأمراء بني مرين وأولياء شالة، حسب إفادات الشرقي.
فكل متعلقات “شالة” تؤثث لصورة مدينة مرت بمراحل بناءات عديدة على مدى تاريخيها وتعاقب حضاراتها، كما تبدو تقسيمات التراث المادي لشالة بارزة بجلاء للزوار، في توضح من شرقي أن السلطان أبو الحسن المريني وسع الروضة السلطانية وسيجها سنة 738 – 739/1339 بسور ثان خماسي الأضلاع، تقويه أبراج، ويحيط بمساحة تقارب سبعة هكتارات، تابعة كلها للنواة الأولى للروضة التي جرى تأسيسها من طرف السلطان أبي يوسف يعقوب سنة 683/83 ـ 1284.
وأضاف شرقي أن السور بني بالطابية على ارتفاع يتراوح مابين 6 و7 أمتار وعرض يصل إلى 1.60 متر، ويعلوه ممر للجند ومِتراس بشرافات هرمية (0.65 متر). وتتخلل هذا السور أبراج مربعة الشكل يصل عرضها إلى 5.00 أمتار وعمقها مابين 3.50 و 3.90 أمتار تضفي عليه طابعا عسكريا شبيها بالحصون والقصبات المعاصرة والموجودة بتازة أو بالمنصورية في تلمسان، وتسهيلا لولوج الروضة جرى فتح ثلاثة أبواب، باب عين الجنة بالواجهة الشمالية الشرقية وباب البساتين بالجهة الجنوبية الشرقية ثم الباب الرئيسي.
وحين مثلت عناصر شالة الأثرية المتنوعة مرحلة مهمة من مراحل تطور المدينة حينئذ، لتبقى اليوم منطقة أثرية محمية على امتداد مساحاتها، باعتبارها تراثا وطنيا، وفي هذا الصدد قال شرقي إن ولوج “شالة” واكتشاف عوالمها الأثرية والتاريخية” يكون عبر الباب الرئيسي، هذا الباب الذي يوجد قبالة السور الموحدي لرباط الفتح ويتفرد بحجمه وغنى زخرفته وعناية تنظيمه، ينفتح هذا الباب المدعم ببرجين مكسوري الزوايا بواسطة قوس منكسر ومتجاوز يصل ارتفاعه إلى 4.80 أمتار، وتزينه زخارف نباتية ونقائش كوفية، ترسم إطارا مستطيلا، يعلوه إفريز مقرنص، مما يجعل العلو الإجمالي للباب يصل إلى 9.95 أمتار. يفضي القوس عبر مدخل منعرج مغطى بقبب نصف دائرية من الآجر المشوي إلى النزالة في الزاوية الغربية للموقع، وهي عبارة عن فندق مكون من فناء وغرف مربعة الشكل خاصة بإيواء الحجاج والزوار.