الرئيسية / ثقافة ومعرفة / أزمور.. مدينة مهمة في تاريخ قبائل دكالة والمغرب
أزمور.. مدينة مهمة في تاريخ قبائل دكالة والمغرب

أزمور.. مدينة مهمة في تاريخ قبائل دكالة والمغرب

إن أزمور من المدن القديمة التي أنشأها المغاربة على ضفة أم الربيع قرب الشاطئ الأطلسي وعمروها إلى أن أضحت منارة إسلامية مشعة لم تنل من فخرها فترتي الاحتلال البرتغالي والفرنسي القصيرتين. غير أن تاريخ أزمور، مثل كثير من مدن المغرب، يثير كثيرا من التساؤلات خاصة حول بعض الحقب من تاريخ المدينة، يقول أبو القاسم الشبري، في كتابه “دكالة وإيالتها، جهة دكالة عبدة، تاريخ وآثار.
ويضيف الشبري في معرض تفسيره لتاريخ أزمور بالكتاب نفسه، أن الباحثين لم يتوصلوا إلى اليوم إلى ضبط تاريخ تأسيس مدينة أزمور من المحتمل جدا أن يكون الفينيقيون قد مروا بموقع المدينة، وتتضارب الآراء حول الوجود الروماني. غير أن البقايا الأثرية التي تم العثور عليها غير كافية لتأكيد مرور أو استقرار الرومان بالمدينة، ولا يكفي ذكر أزانا أو أسانا أو أزاما (وادي أم الربيع) في النصوص اللاتينية للقول بوجود روماني في هذا المكان أو في غيره. والتاريخ يشهد أن جغرافيين ومؤرخين كتبوا عن مناطق لم تطأها أقدامهم ولا أقدام ملوكهم. ونحن نعلم من جهة أخرى أن الاستقرار الفعلي للرومان بالمغرب لم يتجاوز جنوبي الرباط ومكناس بخط حدودي (الليميس) يمتد من موقع”خديس” قرب سَلاكولونيا (شالة) إلى توكولوسيدا (جنوب وليلي).
وقبل هذه الحقبة، يذكر الشبري، فإن مغاربة قد أنشأوا تجمعا بشريا بموقع أزمور، على ضفاف نهر أم الربيع باعتباره مصدر حياة ونقطة جذب، كما هو شأن الأودية ونقط الماء التي نشأت حولها قرى ومدن عبر أنحاء المعمور. واسم النهر أو الموقع الوارد في النصوص اللاتينية، أزانا أو أزما، مشتق من كلمة أمازيغية ما يعني أن تسميته سابقة على احتلال الرومان رسميا لموريطانيا الطنجية (المغرب) سنة 40م. واسم أزمور، كما نعلم وكما يفسره أغلب الدارسين، يعني في الأمازيغية شجرة الزيتون التي لا تؤتي ثمارا (الزيتون البري أو شجرة الزيتون العقيمة).
وإذا كانت المصادر العربية الأولى لم تذكر شيئا مقنعا عن أصل تعمير أزمور، يقول يورد الشبري في كتابه فإنها على الأقل تورد مثلا زيارة عقبة بن نافع لها وأنه عَيّن عليها حاكما، وقد يكون بنى بها مسجدا، وهو الذي سمى مسجد سيدي عقبة. كما كان لأزمور نفس الشأن مع موسى بن نصير، وهو ما يدل بما لا يدع مجالا للشك على أن المدينة كانت موجودة وذات أهمية قبل دخول العرب الفاتحين. ومما يؤكد كذلك أهمية المدينة مع بدايات وصول الإسلام إلى المغرب هو تكليف موسى بن نصير لعمر بن عبد العزيز مبعوثا لأزمور، وهو الذي أصبح لاحقا خليفة على المدينة المنورة وصار له شأن عظيم في التاريخ الإسلامي برمته كما نعلم. غير أننا لم نتمكن من تأكيد حلول عمر بن عبد العزيز بأزمور من عدمه. ومجرد إثارة هذه الفكرة يعني أنه لا يمكن أن تكون رمادا بلا نار.
ويضيف الشبري أن لهذه المكانة من دون شك دور في ظهور وانتشار المقولة الشعبية الشائعة بين أبناء إقليم دكالة : “من مدينة أزمور إلى قرية فاس”. وإذا كان هذا القول مجازيا فإن له مع ذلك أصل واقعي يتمثل أولا في قدم مدينة أزمور وثانيا في اسم المدينة الشائع الذي كانت تعرف به وهو “أزمور لَحضر”. ويرجح بعض الباحثين أن تكون مدينة أزمور العتيقة الحالية قد بنيت قرب أزمور الحضر وهذا يحتاج إلى تعميق البحث. ولا يستبعد أن تكون أزمور قد ظهرت كمدينة في نفس فترة إمارة نكور وإمارة سجلماسة وأغمات.
كما يقول الشبري في كتابه “دكالة وإيالتها، جهة دكالة عبدة، تاريخ وآثار”، إنه مهما يكن، فإن أزمور لعبت دوما دورا كبيرا في تاريخ قبائل دكالة والمغرب عموما. فمع انتشار المذهب الخارجي بالمغرب، كانت أزمور أحد أهم معاقل أو حتى عاصمة إمارة برغواطة التي أسسها صالح بن طريف، وهي الإمارة التي امتدت جغرافيا من مصب أبي رقراق إلى نهر تانسيفت، وتاريخيا من 125هـ إلى أن قضي على شوكتها بصفة نهائية في ظل الحكم الموحدي.